وحتى العصر الحديث كانت تكتب إبداعات الفن القصصي العربي كلها بالفصحى كما الحال في الشعر بوجه عام، إلا أن الحال قد تبدل في العصر الحديث كما شرحنا آنفًا، فوجدنا من يكتبون الحوار في القصص والمسرحيات باللهجات العامية بشبهة أن هذا مما تتطلبه الواقعية، كما تناولت القصص كل موضوعات الحياة؛ فلم تترك موضوعًا لم تطرقه، وكان الغالب على لغتها التحوط في اللفظ، فلا بذاءة ولا عري إلا في نطاق ضيق كما هو الحال في بعض قصص ألف ليلة وليلة مثلًا.

كذلك كان الإسلام حاضرًا في كل وقت جهارًا أو بين السطور، بحيث لا يوجد شيء من الخروج على مقتضيات الإيمان في أي عمل قصصي؛ مهما كانت جرأة كاتبه، ويرتبط بهذا ما يحسه قارئ هذه الإبداعات من أن اعتزاز المبدعين بالدين والأمة التي تنتسب إلى هذا الدين هو شعور موجود على الدوام صراحة أو ضمنًا.

وكما كان البعد عن الغموض والاستغلاق ديدن الشعراء، فكذلك كان الأمر مع القصاصين حتى لو كان قصصهم رمزيًّا، مثلما هو الشأن في رسالة "حي بن يقظان" لابن الطفيل وابن سينا والسهروردي على سبيل التمثيل، إلا أن هذه السمات شرعت تتخلخل في العصر الحديث وبخاصة في الفترة الأخيرة، حيث تلفت النظر ظاهرة الأدباء اللذين يصدمون الأمة بكتاباتهم في عقائدها، وفيما تعتز به من نظام أخلاقي استمدته من قيم الإسلام، ومبادئه الطاهرة النبيلة. هذا عن الشعر والقصة وهو ما ينطبق في خطوط عامة على الخطابة والرسائل الديوانية، وكتب الرحلات وغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015