يراه تفسيرًا يختلف كثيرًا أو قليلًا عن تفسير الرواة الآخرين، وهذا الشكل الفني أساسه فكرة النسبية التي أفرزها العصر الذي نعيش فيه.
ومن ذلك أيضًا "تيار الوعي" وهو أحد مظاهر التأثر بالدراسات النفسية، ومن هذا الجديد كذلك المزج بين القصة والمسرحية، هذا المزج الذي تمثل في "بنك القلق" لتوفيق الحكيم وسماه صاحبه "مسرواية" وإن لم ينتشر كما كان يرجى له.
وهناك أيضًا النّقد القصصي، والتأريخ للروايات والقصة القصيرة والترجمة لأعلامهما، وهو أمر لم يعرفه الأدب العربي القديم، إذ كان النقد آنذاك منصبًّا على الشعر بالدرجة الأولى ثم الخطابة، والرسائل الديوانية بعد ذلك، وها هو ذا مثلًا كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، و (الصناعتين) لأبي هلال العسكري، وكتاب (نقد النثر) المنسوب لقدامة بن جعفر، و (المثل السائر) لابن الأثير، فلنقلب فيها كما نحب، فلم نجد أي كلامًا في النقد القصصي.
أما الآن فالدراسات النقدية والتاريخية التي تدور حول فن القصة، وأعلامه، واتج اهاته وأشكاله، قد بلغت من الكثرة والتنوع مدى بعيدًا، وهذا من شأنه أن يساعد أدباء القصة على التجويد والتطوير المستمر، ولا شك أننا مدينون في هذا المجال للنقد القصصي الغربي الذي قرأناه في لغاته الأصلية أو المترجمة، وهذا النقد يرجع في أساسه إلى ما كتبه أرسطو على المسرحية، والملحمة حسبما مر.
أما كُتب النقد والأدب والتراجم التراثية المعروفة، فالموجود فيها كلام انطباعي أو نقد لغوي بلاغي ليس أكثر، كما أن كلمات الحكاية والقصة والرواية لا تستخدم فيها إلا بالمعنى اللغوي العادي كما في قولنا: شرح فلان القصة، أو حكى الحكاية، أو هكذا كانت روايته للكلام، بمعنى الخبر ليس إلا، ولا تستخدم كمصطلح أدبي.