الحرف، ذلك أن شهرتها تدفع الذهن إلى ناحيتها دفعًا، فيعرف السامع أو القارئ أن المقصود بها هو تلك القصيدة لا غيرها من القصائد التي على نفس رويها.
أما في القصائد الأخرى؛ فكان يقدم لها عادةً بعبارة: "وقال يمدح أو يهجو أو يرثي فلانًا" وهذا كل ما هنالك، ولكن الأمر اختلف في العصر الحديث بتأثير الشعر الغربي الذي كانت قصائده تعرف العناوين من قبل اتصالنا بهم، فعرفت قصائدنا عناوين هي أيضًا، وبخاصة أنها أمست لا تدور حول أكثر من موضوع واحد.
كذلك دخل شعرنا ما يُسَمّى بـ"القصائد والأناشيد الوطنية"، وهو موضوع لم يعرفه الشعر العربي إذ لم يكن المسلمون ينظرون لأنفسهم بوصفهم شعوبًا وأوطانًا متميزة، بل على أنهم جميعًا يمثلون أمة واحدة رغم اختلاف الديار والحكام أحيانًا.
وبالمثل استجد شعر التأملات الفكرية والاستبطانات النفسية، والتهاوين الذهنية، وكذلك الاستعانة بالأساطير الوثنية الشرقية والإغريقية، مما لم يكن الشعراء العرب يفكرون فيه.
وفي ميدان الغزل كان هناك الغزل العفيف، والغزل المفحش، والغزل المعتاد الذي يتغنى بالمرأة وبجمالها، وما يفعل هذا الجمال بالقلوب واصفًا كل شيء في جسدها دون إفحاش رغم ذلك، وكان هناك كذلك الغزل بالغلمان الذي قد يكتفي فيه الشاعر بالحديث عن هيامه بغلام من الغلمان، وتصوير صدود الحبيب عنه، والعذاب الذي يقاسيه جراء ذلك، غير متحرج في تلك الأثناء من وصف جماله، ووجه الفتنة فيه.