وإذا كان الرسول الكريم وصحابته الأطهار لم يتنكروا لذلك الأدب أو يديروا ظهورهم له جميعه عاطلًا مع باطل، فكيف يتصور متصور أن نصنع نحن ما لم يدر لهم ببال؟.

لو أنه قال: إننا حين ندرس الأدب الجاهلي ينبغي أن نكون على ذكر من اعتماد ما فيه من قيم كريمة، ونبذ عكسها لما يحتويه من قيم ضارة، لكنا نوافقه تمام الموافقة، وهذا بالمناسبة هو موقفنا من الأدب العربي جميعه، حتى في مرحلة صدر الإسلامي، وهي المرحلة التي قد يظن أن أدبها صورة مطابقة تمامًا للقيم الإسلامية، ألا وهو وجوب وضع هذا الأدب في كل عصوره تحت المجهر، فما كان في مضامينهم متفقًا مع قيم الخير والجمال والحق قبلناه، وما لم يكن قلنا فيه رأينا بمنتهى الصراحة، واستنكرنا ما تضمنه من قيم الزيف والتشويه والأذى، على أن يكون مرجعنا في هذا هو الإسلام وقيمه ومبادئه.

وليس معنى ذلك أننا ننادي بتحويل الأدب العربي إلى مواعظ ونشرات دينية. بل معناه أن نترك للأديب الحرية كاملة داخل ذلك النظام القيمي الإسلامي، فلا يناقِ ض هـ ولا ينقضه، وهو حر بعد هذا يتناول من الموضوعات ما يشاء على النحو الفني الذي يشاء، أي: أننا في نفس الوقت الذي لا نوجب على الأديب مثلًا أن يأمر الناس بالصلاة، لا نقبل منه أن يكتب قصيدة أو قصة أو غير ذلك من الإبداعات الأدبية، يحرض الناس فيه على ترك الصلاة، أو يسخر من المصليين وهكذا.

قد يقال: إنّ الأدَبَ والفن لا يزدهران إلا في جو الحرية، فنجيب بأن الحرية المطلقة لا وجود لها في أي مكان في العالم، والذين ينادون بهذا إنما يريدون التفلت من قيم الإسلام إلى قيم أخرى، يريدون نشرها تحت ستار حرية التعبير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015