له، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر؛ فإن السيرة الشعبية مثلًا كانت تمزج أيضًا بين الشعر والنثر، وإن اختلفت في هذا المزج عن طريق "المسرواية" التي تتألف من فصل قصصي يتلوه فصل مسرحي، وهكذا دواليك.

أما السيرة فيرد الشعر فيها السرد والحوار كجزء منهما لا كشيء منفصل، وهذه السمة موجودة لكن على استحياء في بعض قصص يوسف السباعي مثلًا.

وهناك أيضًا النقد القصصي، والتأريخ للروايات، والقصة القصيرة، والترجمة لأعلامهما، وهو أمر لم يعرفه الأدب العربي القديم، إذ كان النقد آنذاك منصبًّا على الشعر بالدرجة الأولى، ثم الخطابة، والرسائل الديوانية بعد ذلك، وها هو ذا مثلًا كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، و (الصناعتين) لأبي هلال العسكري، وكتاب (نقد النثر) المنسوب لقدامة بن جعفر، و (المثل السائر) لابن الأثير، فلنقلب فيها كما نحب، فلم نجد أي كلام في النقد القصصي.

أما الآن، فالدراسات النقدية والتاريخية التي تدور حول فن القصة، وأعلامه، واتجاهاته وأشكاله، قد بلغت من الكثرة والتنوع مدى بعيدًا، وهذا من شأنه أن يساعد أدباء القصة على التجويد والتطوير المستمر، ولا شك أننا مدينون في هذا المجال للنقد القصصي الغربي الذي قرنه في رواية أصلية أو مترجمة، وهذا النقد يرجع في أساسه إلى ما كتبه أرسطو على المسرحية والملحمة حسبما أوضحنا.

أما كتب النقد والأدب، والتراجم التراثية المعروفة؛ فالموجودُ فيها عن الفن القصصي هو كلام انطباعي، أو نقد لغوي بلاغي ليس أكثر، كما أن كلمات الحكاية، والقصة، والرواية لا تُستخدم فيها إلا بالمعنى اللغوي العادي كما في قولنا: "شرح فلانٌ القصة أو حكى الحكاية، أو هكذا كانت الراوية بالكلام، أي: الخير ليس إلا، ولا تستخدم كمصطلح أدبي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015