بحكاية الإسراء والمعراج، التي من الممكن أن يكون المعري هو أيضًا قد استلهمها، فكان هذا التّشابه بين عمله وعمل الشاعر الإيطالي، إذ لم يثبت أن دانتي قد اطلع على رسالة المعري، وإن كان هلال قد خلع على الشاعر العربي الكبير قصب السبق عليه في تناول مثل تلك الرحلة؛ نظرًا للمسافة الزمنية الطويلة التي تفصل بين الشاعرين.

والمقرر الآن فعلًا بين الباحثين: أن دانتي قد اطلع على قصة المعراج قطعًا، لكن هل معنى هذا أنْ نَجْزِمَ بأنّه لم يتأثر بالمعري؟ الحق أنّ ذلك غيرُ لازم، فمن المحتمل أن يكون قد قرأ المعري لكن لم يخلف وراءه أثرًا يدل على ذلك الاطلاع.

الموضوعات التي تناولتها القصة العربية القديمة

ونصل الآن إلى الموضوعات التي تناولتها القصة العربية القديمة، ولسوف نسترشد بما اشتمل عليه كتاب (قصص العرب) ومن ينظر في فهرس هذا الكتاب، يجد أن أصحابه قد قسموا القصص العربية إلى:

- قصص تستبين بها مظاهر حياة العرب، وأسباب مدنيتهم، بذكر أسواقهم، وأجلاب تجارتهم، والمساكن التي كانت تؤويهم، وسائر ما كان على عهدهم من دلائل الحضارة، ووسائل العيش.

- وقصص تتضمن معتقداتهم، وأخبار كهانهم وكواهنهم، وتبسط ما كانوا يعرفون من حقائق التوحيد، والبعث والدار الآخرة، وما كانوا يتوسلون به من إقامة الأوثان، وتعهدها بألوان الزلفى والقربان.

- وقصص تجلو علومهم ومعارفهم، وتتوضح منها ثقافتهم، وما كان متداولًا بينهم من مسائل العقل والنقل، التي هدتهم إليها فطرهم، أو أنهتها إليهم تجاربهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015