التلقت إلى الجواب، والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم، والوعي لما يقول.
واعلم، في ما تكلم به صاحبك، أن مما يهجن صواب ما يأتي به، ويذهب بطعمه وبهجته، ويرزي به في قبوله، عجلتك بذلك، وقطعك حديث الرجل قبل أن يفضي إليك بذات نفسه1.
كيف يكون الزهد؟:
إن رأيت نفسك تصاغرت إليها الدنيا، أو دعتك إلى الزهادة فيها على حال تعذر من الدنيا عليك, فلا يغرنك ذلك في نفسك على تلك الحال، فإنها ليست بزهادة، ولكنها ضجر, واستخذاء2, وتغير نفس, عندما أعجزك من الدنيا, وغضب منك عليها مما التوى3 عليك منها. ولو تممت4 على رفضها, وأمسكت عن طلبها, أوشكت أن ترى من نفسك من الضجر والجزع أشد من ضجرك الأول بأضعاف، ولكن إذا دعتك نفسك إلى رفض الدنيا, وهي مقبلة عليك، فأسرع إلى إجابتها.