فإذا آنست منها دفعًا, وتهاونًا به, فاعدد نفسك عاجزًا ضائعًا خائبًا، معورًا1 لعدوك, ممكنًا له من رميك.
وإن حاصل من عيوبك, وعوراتك ما لا تقدر على إصلاحه من ذنب مضى لك، أو أمر يعيبك عند الناس ولا تراه أنت عيبًا، فاحفظ ذلك وما عسى أن يقول فيه قائل من حسبك2 أو مثالب آبائك, أو عيب إخوانك, ثم اجعل ذلك كله نصب عينك, واعلم أن عدوك مريدك بذلك, فلا تغفل عن التهيؤ له, والإعداد لقوتك وحجتك وحيلتك وحيلتك فيه سرًا وعلانية.
فأما الباطل, فلا تروعن به قلبك, ولا تستعدن له, ولا تشتغلن بشيء من أمره، فإنه لا يهولك ما لم يقع، وما إن وقع اضمحل.
الشهود العدل:
واعلم أنه قلما بده3 أحد بشيء يعرفه من نفسه، وقد كان يطمع في إخفائه عن الناس، فيعيره به معير عند السلطان, أو غيره، إلا كاد يشهد به عليه وجهه وعيناه ولسانه، للذي يبدو منه عند ذلك، والذي يكون من انكساره وفتوره عند تلك البديهة.