...
الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين:
يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مقدمة كتاب "دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي" مشيرًا إلى عدم إفادة الباحثين العرب من بحوث المستشرقين: "والشيء المؤسف حقًّا هو أن هذه الأبحاث قد بدأت في الستينات من القرن الماضي, نمت واتسعت، بينما ظل المشتغلون بالأدب العربي في العالم العربي والإسلامي بمعزلٍ تامٍّ عنها, وفي جهل فاحش بها"1.
ولقد فات الباحث أن الحملة الفرنسية على مصر كانت ناقوس الخطر الذي دعا الناس للتنبه لما هم عليه وما وصلت إليه أوروبا2, فقد حملت هذه الحملة من جملة ما حملت معها المطبعة، وحتى ذلك الوقت لم يكن العرب على علم بلغات أوروبا، وما فعله الاستشراق والمستشرقون، وحار القوم في أمرهم إلى أين يتجهون إلى الثقافة الغربية أم إلى أين؟
وقد حلّ جمال الدين الأفعاني لهم المشكلة، وكان الحل عدم الاستسلام للحضارة الغربية والاتجاه إلى التراث القديم، ففزعوا إلى تراثهم القديم في مواجهة الغزو الثقافي الغربي، ويسَّرت لهم المطبعة نشر هذا التراث الذي ظلَّ سمة النهضة في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن3.
ولا يخفى على أحد أن بداية اتصالنا بالغرب وبثقافته كانت ممثَّلة في تلك البعثات التي كان يرسلها محمد علي حاكم مصر, وهي بعثات ذات أهداف محددة،