وقد سكن الجزيرة العربية قبل الإسلام العرب بقسميهم: القحطانيين وهم عرب الجنوب، والعدنانيين وهم عرب الشمال، وقد استطاع القحطانيون إنشاء ممالك ودولًا وصلت إلينا بعض أخبارها وصورًا من معالم حضارتها.
وقد اختلف في تحديد الفترة الزمنية التي وصل إلينا شعرها، ولكن الجاحظ ذهب إلى أن عمر الشعر الجاهلي الذي وصل إلى عصر التدوين يترواح بين قرن ونصف, إلى قرنين من الزمن1.
وقد سقنا هذه المقدمة القصيرة لتحديد إطار البحث الذي نحن بصددهه، لتحديه زمانيًّا ومكانيًّا وبيئيًّا.
أما محور البحث ودعامته فهو أدب ذلك العصر وتلك الفترة، ذلك الأدب الذي أنشده قوم من تلك البيئة متأثرين بها, ومؤثرين في أهلها وفي الأجيال العربية التي تلاحقت قرونًا عديدة.
ولا يقف أمر تحديد أهمية أدب هذه الفترة عند الذي قلناه، ولكن أدب هذا العصر نال شهادات كثيرة تبيّن أهميته, صدرت في العصور الأولى.
1- جاءت في طبقات ابن سلام "وكان الشعر في الجاهلية عند العرب ديوان علمهم, ومنتهى حكمهم, به يأخذون وإليه يصيرون"2.
2- سأل الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وقد ذكر الشعر: يا كعب! هل تجد للشعراء ذكرًا في التوراة؟ فقال كعب: أجد في التوراة قومًا من ولد إسماعيل، أناجيلهم في صدورهم، ينطقون بالحكمة، ويضربون الأمثال، لا نعلمهم إلّا العرب3.
3- عندما سمع النبي -عليه السلام- قول زهير بن أبي سلمى:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
قال: "هذا من كلام النبوة4".
4- كان أبو عمرو بن العلاء يقول: كان الشعراء في الجاهلية يقومون من العرب