...
المشترقون والشعر الجاهلي:
يطلق لفظ الاستشراق على فئة من العلماء من الغرب أو الشرق, أي: من أمريكا وأوروبا وروسيا, كرَّست وقتها أو بعضه وجهدها لدراسة تراثنا وأدبنا لأغراض متعددة, وكان سبل اتصالهم بنا وبتراثنا بإحدى طرق ثلاث: الأندلس قبل سقوطها بأيديهم وبعد السقوط، والحملات الصليبية، واستعمارهم بلادنا.
وقد بدأت أوروبا تتنبه إلى ذلك في بدايات القرن الرابع عشر، ففي سنة 1312م صدر قرار مجمع فينا الكنسي بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الغربية1, ولكن مفهوم مستشرق Orientalist لم يظهر في أوروبا إلّا في نهاية القرن الثامن عشر، ففي إنجلترا ظهر سنة 1779م، وفرنسا 1799م، وأدرج مفهوم الاستشراق في قاموس الأكاديمية الفرنسية سنة 1838م2.
ونستطيع أن نعد القرنين التاسع عشر والعشرين عصر الازدهار الحقيقي للاستشراق, وكان إمام المستشرقين سلفستر دي ساسي الفرنسي "ت1838م"2.
فحركة الاستشراق تعني بالنسبة لأمتنا اهتمام الأوروبيين والأمريكيين بترثانا, بكل ما تعنيه كلمة "تراث" من معنى واسع، ولما كان العصر الجاهلي يمثل فجر تاريخ أمتنا، كما يمثل عصرها الذهبي الأول، وتمثل لغة أدبه اللغة المثال لما دُرِسَ ودُوِّنَ وقعِّدَت قواعده، فقد اتجهت أنظار فريق كبير من المستشرقين إلى تناول هذا العصر من جميع الجوانب.