التعاطف والمشاركة الخيالية، وتشغيل المخيلة البصرية، وتتبع التفاصيل الحركية، وأن ينشط القارئ وجدانه الكامل حتى يعايش تجربة الشاعر القديم بفكره وعقله كاملين، والإنصات إلى الشعر القديم بآذان أهله، وبذل الجهد في تعرية الألفاظ من ارتباطاتها الحديثة حتى تكون أقدر على أن نسمع فيها ما كان يسمع فيها القدامى من موسيقى، وعلى أن نتابع ما كانت تثير فيهم من معانٍ ثانية واستدعاءات فكرية وعاطفية وجمالية.
أما يوسف اليوسف1 فإن يرى أن تقوم الدرسات حول الشعر الجاهلي على الإيمان بوحدة القصيدة الجاهلية، وليس هذا فحسب، بل بإحالة الظاهر على الباطن, وتوثيق الصلة بين الظواهر نفسها، ويرى فيها أشكالًا فنية لمعانٍ مترابطة من الداخل, ويقرر في كتاب آخر2 أن الشعر إفرازي اجتماعي، إضافة إلى أن القصيدة تبدعها نفس معينة لها أحوالها المعينة وحاجاتها الشخصية.
ويحدد الدكتور لطفي عبد البديع3 همه وهدفه في كتابه "الشعر واللغة" قائلًا: "ونحن إذ نبحث عن اللغة في القصائد التي نعرض لها في هذه الفصول لا نبحث عمَّا فيها من لفظ مستعارٍ أو وجه من وجوه التشبيه، بل همنا الوقوف على الوجود الشعري الذي يتحقق في اللغة باعتبارها فكرًا للشعر لا يلبث الشاعر معه أن يجد نفسه وقد أحاطت به الكمات من كل جانب.
أما الدكتور سيد حنفي4 فقد رأى أن يفيد مما درسه من سبقوه، ويتجنب في الوقت نفسه ما درسوه تجنبًا للتكرار، وبعد ذلك كله يتجه إلى الشعر مباشرة.
ويحدد الدكتور فتحي أبو عيسى5 إطارًا عامًّا يتبناه ويدعو غيره إلى تبنيه، وهو يستند إلى منطلقين أساسين؛ أولهما: إن اهتمامنا بالشعر القديم يعني اعترافًا منا بأنه النموذج الأمثل, وثانيهما: أن هذا الإعجاب والاهتمام وإيثاره على سواه يجب ألَّا يمنعنا من الكشف عمَّا فيه من هنات. وبعد ذلك يقرر أن منظوره في القصائد يتكئ على دعامتين: الرجوع إلى المعاجم لاستخراج المعاني للألفاظ، والاستعانة