بخاصة، إلّا أن قضايا كثيرة تبرز في المقدمة، وقد أثارت هذه القضايا جدلًا كبيرًا، وتباينت الآراء حوله. ولا نرى بأسًا من ذكر أهمها:
1- عمر الشعر الجاهلي الذي وصل إلينا، وهي قضية متفرعة عن أولية الشعر نفسه، ويعدُّ "جويدي" المستشرق قصائد القرن السادس الميلادي الجديرة بالإعجاب التي تنبيء بأنها ثمرة صناعة طويلة1.
2- شعراء الجاهلية المعروفون، وما انتهى إلينا من أشعارهم، وحجم هذا الشعر.
3- وضع الشعر ونحله شعراء الجاهلية أهي صحيحة أم باطلة؟ فإن صحَّت فأين هذا المنحول فيما وصلنا عن العلماء الرواة من أشعارهم2؟
4- صورة الشعر الجاهلي الحقيقي: ويرى الدكتور البهبيتي أن كثيرًا من الشعر الجاهلي الصحيح النسبة إلى أصحابه، أو إلى العهد الجاهلي قائم في الكتب الباقية بين أيدينا الآن، لكن ليس في مجاميع الشعر الجاهلي الذائعة الصيت، وإنما يقع في كتب تدخل عندنا، وفي اعتبارنا في مجال القصص المصنوع؛ لأن القدامى وضعوها في قالب متحجر من تصور الشعر الجاهلي والتاريخ الجاهلي، بحيث أصبح التاريخ الحيّ عندنا قصصًا, وما اندرج خلاله من الشعر مصنوعًا. وهكذا لم يبق من هذا البناء الشامخ العتيد إلّا قطعًا متناثرة هنا وهناك3.
ويرى الدكتور عادل البياتي أن ملاحم الأيام وما تضمنته من فكر وثني دخلت في صدام مع الإسلام, انتهت به إلى أن يتمكَّن من تغطية جميع الملاحم الوثنية، ونزعها من الصدور بأناشيدها، بالرغم من أن كانت متمكِّنة من نفوس العرب الوثنيين يومئذ4. وهو بهذا الرأي يلتقي مع البهبيتي، من أن صورة الشعر التي نتعامل معها ليست الصورة الحقيقية الكاملة للشعر الجاهلي.