يوتغ إلّا نفسه وأهل بيته» (?) .
ثم عددت الصحيفة أحياء اليهود وأن لهم جميعا هذه الامتيازات التي أعطيت ليهود بني عوف «وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ... » (?) أما الإطار السياسي العام الذي يجمع أهل الصحيفة والذي ينتظر منه أن يكون مقدمة لانضمام اليهود إلى أمة الإسلام، وهو أمل راود النبي صلّى الله عليه وسلم- على ما يبدو- في السنة الأولى لمقدمه إلى يثرب.
ويلاحظ أن المسلمين اعتبروا كتلة واحدة تربطهم رابطة الإسلام، أما اليهود فلم تعاملهم الصحيفة على أنهم كتلة واحدة بل ذكرت قبائلهم «بني النجار وبني الحارث وبني ساعدة وبني جشم وبني الأوس وبني ثعلبة وبني الشطيبة» (?) وموالي هؤلاء تبع لهم في الحكم «وإن بطانة يهود كأنفسهم» (?) ذكرهم متفرقين، ولعل ذلك كان يقصد منه أن يتمكن النبي صلّى الله عليه وسلم من معاقبة كل قبيلة تنقض العهد دون أن يأخذ قبيلة بجريرة الاخرى، وهذا ظهر جليّا في الخطوات التالية التي قام بها النبي صلّى الله عليه وسلم تجاه اليهود ويبدو أن مادة «على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى» (?) لم تتكرر هنا مع قبائل اليهود؛ لأن الصحيفة تركت لليهود إدارة شؤونهم الخاصة فيرجعوا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم في الأمور ذات الإطار العام ويرجعوا إلى أحبارهم في المسائل الشخصية والدينية، ولكن كان بإمكان اليهود أن يلجؤوا إلى الرسول ليحكم بينهم، ويفهم ذلك من الاية القرانية فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة: 42] ولا شك في أن احتكامهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلم كان متأخرا؛ لأن هذه الاية من سورة المائدة وهي نزلت في فترة متأخرة من حياة الرسول صلّى الله عليه وسلم في المدينة (?) .
وحددت الصحيفة حرية أهل المدينة في الخروج منها، فلابد أن يكون ذلك بعد أخذ الإذن من النبي صلّى الله عليه وسلم، وبذلك ضيق على اليهود والمشركين والمنافقين ولا سيما الاتصال بأعدائه المكيين، وأنه لا يجوز لأحد أن يعلن الحرب أو السلم إلا بإذن قيادة المدينة «لا يخرج أحد منهم إلا بإذن محمد صلّى الله عليه وسلم» (?) وكانت المادة الاخرى قد ضيقت على