إن المعلومات المتوافرة في المصادر لا تبين تاريخا مضبوطا للوقت الذي اختفى فيه النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه في دار الأرقم، فالروايات في ذلك مضطربة (?) ولكننا نستخلص من خلال هذه الروايات أن ذلك كان في أواخر السنة الثالثة للبعثة؛ أي في اخر الفترة الأولى من الدعوة في مكة (الفترة السرية) .
وكذلك فإن الروايات مضطربة في مدة الاستخفاء، فبعض المصادر تجعل هذه المدة شهرا (?) . وغالب المصادر (?) لا تحدد هذه المدة، وكذلك لا توضح لنا الروايات كيفية هذا الاستخفاء، هل كان في الليل أم في النهار؟ ولكنه يفترض ألّا يكون اختفاء تامّا؛ لأن ذلك يؤدي إلى مزيد من الشكوك والارتياب في سلوك النبي محمد صلّى الله عليه وسلم؛ لأنه من المعروفين المشهورين في الأوساط المكية.
وإذا ما تفحصنا الروايات التي تحدثت عن دار الأرقم، فيمكننا أن نستخلص الأسباب الكامنة وراء اختيار النبي صلّى الله عليه وسلم لدار الأرقم مركزا لدعوته، فالأرقم ابتداء لم يكن معروفا بإسلامه (?) . فلا يخطر ببال القرشيين أن يتم لقاء محمد صلّى الله عليه وسلم بأصحابه في داره، وكذلك فإن الأرقم من بني مخزوم (?) ، وبنو مخزوم هم الذين يحملون لواء التنافس مع بني هاشم (?) ، واللقاء في بيت من بيوتهم يعني أن ذلك الاجتماع الخطير يتم في قلب صفوف العدو. وإذا ما عرفنا أن الأرقم (ت 53 هـ) كان عند إسلامه ما زال شابّا صغيرا لا يجاوز السابعة عشرة من عمره (?) ، ويوم تفكر قريش بالبحث عن