محمد وأصحابه فلن تبحث عنه في بيوت الشباب الصغار، بل تتجه إلى بيوت كبار الصحابة أو في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم نفسه (?) ، أضف إلى ذلك أن دار الأرقم كانت في مكانها تعدّ امنة إلى حد بعيد، فقد ذكر ابن سعد (230 هـ) أن دار الأرقم كانت قريبة من الصفا؛ أي أنها مقابل دار الندوة (?) . وهذا يبعد الشك عنها؛ إذ لا يمكنهم أن يفكروا بأن محمدا يجلس بأصحابه في دار قريبة منهم؛ ولهذا فلم نسمع أبدا أن قريشا داهمت هذا المكان وكشفت مكان اللقاء، إنما كان أقصى ما وصلت إليه هو شكها أن يكون اللقاء عند الصفا، فقد قال الرجل لعمر بن الخطاب (ت 23 هـ) عندما أراد أن يسلم: «اذهب إلى محمد في دار عند الصفا» » .
كان من اثار الدعوة السرية أنها تمكنت من السير إلى القلوب والعقول لأعداد مميزة من فتيان قريش (?) وذوي بيوتاتها (?) والوافدين عليها من غير أهلها (?) .
ويلاحظ أنه في هذه المرحلة لم يقع أي صدام بين هؤلاء المؤمنين وبين أهل مكة، بل إن المؤمنين كانوا لا يتدخلون في أي شأن من شؤون غيرهم في نقد أو مواجهة؛ إذ لابد من المحافظة على السرية التامة للدعوة وأتباعها (?) .