كان التخطيط لنشر الدعوة الإسلامية «الهدف الأول» لإدارة الدعوة في مكة، وهذا يستدعي منا السير مع أحداث الدعوة للتعرف إلى خطة الرسول صلّى الله عليه وسلم في نشر دعوته، ويمكننا أن نقسم هذه الفترة إلى قسمين، هما: الدعوة السرية (الفردية) ، والدعوة الجهرية (الجماعية) . ولكل مرحلة من هاتين المرحلتين طبيعتها الإدارية الخاصة بها.
كانت الظروف السائدة في مكة- فترة الدعوة الأولى- تستدعي من النبي صلّى الله عليه وسلم أن يعرض دعوته على من يثق به من أهله وأصدقائه، فعرضها أولا على زوجته خديجة (ت 3 ق. هـ) فامنت به، ثم عرضها على صاحبه أبي بكر (ت 13 هـ) فامن به، وعلى ابن عمه وربيبه علي بن أبي طالب (ت 39 هـ) فامن به كذلك (?) . وبهؤلاء الثلاثة بدأت دعوة الإسلام.
ويلاحظ أن ظروف هذه الفترة جعلت النبي صلّى الله عليه وسلم يتدرج في عرض هذه الدعوة، ولا سيما أن المعتقدات التي ينادي بها تخالف معتقدات أهل مكة، فكان لا بد من السرية والاستخفاء بالتبليغ ليعد لها أرضا صلبة تقف عليها (?) ، ولم يكن هذا الاستخفاء موقفا سلبيّا لا حركة فيه، بل كان موقفا إيجابيّا في دوافعه واثاره؛ لأنه كان موقف التأسيس والتربية والإعداد وتخير المواد لبناء المجتمع الإسلامي (?) .
قام النبي صلّى الله عليه وسلم بناء على ما سبق باختيار دار يختفي فيها- هو وأصحابه- وهي دار الأرقم بن أبي الأرقم (ت 53 هـ) . والتي كان منها يدير دعوته ويربي أصحابه ويبتعد بهم عن أذى المشركين.