وكان المسلمون جميعا عماد جيش الرسول صلّى الله عليه وسلم يدعوهم للقتال فيجتمعون، وبعد انتهاء المعركة أو العودة من الغزو كان هؤلاء يتفرقون في شؤونهم الخاصة.
أما تعبئة المقاتلة فكانت تتم بصورة دقيقة، فقد وردت ابتداء كلمة «عبء» في حديث عبد الرحمن بن عوف (ت 32 هـ) عن غزوة بدر لقوله: «عبأنا النبي صلّى الله عليه وسلم ببدر ليلا» (?) والمقصود بكلمة «عبأ» هنا مع فعله النبي صلّى الله عليه وسلم من ترتيب المقاتلة وصفّهم للقتال في موضعهم وتهيئتهم (?) ، وتعبر كذلك عن كل ما يقوم به المقاتلة من تحركات استعدادا للقتال (?) ، وقد عبأ النبي صلّى الله عليه وسلم المسلمين في أحد (3 هـ) وأشار القران إلى ذلك فقال تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ [ال عمران: 121] وذكر الواقدي (ت 207 هـ) أن الرسول صلّى الله عليه وسلم غدا إلى أحد فجعل يصف أصحابه للقتال كأنما يقوم بهم القدح (?) .
وعرفت التعبئة الخماسية في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم حيث كان يتم تقسيم القوات في أثناء سيرها إلى المعركة إلى خمسة أقسام: مقدمة وقلب وجناحين (ميمنة وميسرة) وساقة وعلى هذه الهيئة سارت قوات المسلمين إلى بدر (?) ، وأحد (?) ، وبني المصطلق (?) ، وخيبر (?) إذ خرج أهلها يقولون: «محمد والخميس» (?) وكذلك اتبع هذا التنظيم في أثناء سير المقاتلة إلى مكة (?) ، وحنين (?) ، وتبوك (?) ؛ وذلك لأنه يقلل إلى حد أدنى من الخسائر في حالة مباغتة العدو أو مهاجمته.