لقد كان يراعي في تقسيم القوات وضع أهل التجارب والبأس والنجدة والقوة في القلب أمام الصفوف، وأهل التجارب وأصحاب الرمي وطلاب الكر في الميمنة أما الصفوف وأهل التجارب والحيل ردا للقلب، أما الضعفاء والجبناء فيوضعون عادة خلف الجيش عند المتاع (?) .
ويقدم أمام المقاتلة في أثناء سيرهم «الطلائع» وهم أصحاب الخيول السبق الماهرون، فكانوا يقومون بالتعرف إلى الطريق وتحديد أماكن القوات المعادية في حال وجودها (?) .
ويذكر الواقدي (ت 207 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم قدم الزبير بن العوام (ت 36 هـ) أمامه في أثناء سيره إلى مكة وأرسل معه مائتين من المسلمين (?) .
أما طريقة سير أجزاء المقاتلة فتخضع لرأي الأمير حسب معطيات الخطة وطبيعة الأرض ومكان وزمان المعركة، فقد ذكر الواقدي (ت 207 هـ) في حديثه عن غزوة الفتح (8 هـ) قال: «ومرت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها» (?) .
وفي أثناء توقف المقاتلة للراحة أو المبيت يختار الأمير موطئا تتوافر فيه نواحي الأمن والمياه والمرعى، ويمكن الاستفادة من العوارض الطبيعية كالتلال والجبال لأنها تشكل موانع تمنع هجمات العدو المباغتة (?) ، ففي أحد (3 هـ) جعل النبي صلّى الله عليه وسلم أحدا خلف ظهر المسلمين (?) .
ثم على الأمير أن يبث الحرس حول المعسكر لدواعي الأمن والحراسة (?) . وقد وردت أحاديث تبين أهمية الحرس فقال عليه السّلام: «عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» (?) ، وذكر ابن سعد (ت 230 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم جعل محمد بن مسلمة على الحرس في أحد فكان يطوف حولهم في خمسين رجلا (?) ، وكان على حرس الرسول صلّى الله عليه وسلم يوم الحديبية أوس بن خولة وعبادة بن بشر