اللفظ المزخرف والسجع، وكذلك كانت تخلو من ألقاب التعظيم والتفخيم فتذكر أسماء المتعاقدين مجردة (?) ، فكان يقول: «هذه امنة من الله ومحمد النبي الرسول ليحنه بن روبة وأهل أيلة» (?) ، وظل النبي صلّى الله عليه وسلم يحرص على ذكر صفة «رسول الله، والنبي» مستهدفا التذكير بحقيقة وظيفته وتأكيد معانيها في النفوس (?) ، ففي كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أهل أذرح والجرباء قال: «هذا كتاب من محمد النبي ... » (?) وامتازت هذه العقود بذكر أسماء الشهود عملا بما استنه الرسول صلّى الله عليه وسلم عند عقد معاهدة الحديبية (6 هـ) (?) .
ولما كان معظم سكان الجزيرة من القبائل التي تستوطن كل منها مكانا خاصّا بها يسمى «دار» ، ولها تنظيم سياسي، فإن النبي صلّى الله عليه وسلم أراد الاحتكاك بهذه القبائل، وهذا لم يتم دفعة واحدة؛ إذ إن ظروف القبائل وتنوعها واختلافها يؤدي بالضرورة إلى تنوع المعاملة، فهناك بعض القبائل اكتفى منهم بالموادعة دون إلزامهم بتغيير دينهم (?) ، ويشير إلى ذلك القران في الاية الكريمة: إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ ... [التوبة: 4] (?) .
لقد قسمت هذه الكتب إلى كتب موجهة إلى الأفراد وهي تتضمن «الإقطاعات وما يتعلق بالأمور المالية» ، وهناك كتب موجهة لأفراد عشائرهم بصراحة وهي تبين اعتراف الرسول صلّى الله عليه وسلم بهذه الزعامة أو تلك على القبيلة، وسلطاتها الإدارية المستقلة وفقا للتقاليد البدوية (?) ، وهناك رسائل موجهة للعشائر دون الأفراد، ولا ندري هل كان إغفال الرسول صلّى الله عليه وسلم لذكر أسماء أفراد بعينهم يرجع إلى عدم وجود رؤساء معتمدين فيها، أم أن هؤلاء لم يؤمنوا بالرسول صلّى الله عليه وسلم فتجاهلهم، وعلى أية حال، فإننا لا نعلم طريقة إدارة هذا