وغيره، فيختمون به فلا يقرأ إلا بعد فض الخاتم، وذلك لئلّا يطلع على ما في الكتاب أحد اخر (?) .
أما «الاتفاقيات والعهود» التي عقدها النبي صلّى الله عليه وسلم سواء كان ذلك مع الكيانات السياسية الموجودة، أو القبائل العربية، فقد أظهرت ذكاء الدبلوماسية الإسلامية في التعامل مع الأحداث، وكانت هذه الدبلوماسية تعتمد مصلحة الجماعة الإسلامية، وتأخذ بعناصر ومقتضيات الواقع، ففي صلح الحديبية (6 هـ) - بشروطه المعروفة (?) - ظهرت ملامح هذه الدبلوماسية في التحرك لربط المناطق المختلفة بالمواثيق والعهود وكتب الأمان من أجل فرض العزلة على مكة، ونشر الإسلام بين القبائل، والانفراد بخيبر، ليمنع تحالفها مع قريش وحتى لا تبقى قوة تدعهم القبائل المعارضة في الشمال. يتضح هذا من قول البلاذري (ت 279 هـ) : «والمصلحة المترتبة على إتمام صلح الحديبية ما ظهر من ثمراته الباهرة، وفوائده الظاهرة التي كانت عاقبتها فتح مكة، وإسلام أهلها كلهم، ودخول الناس في دين الله أفواجا» (?) .
ذكرت لنا المصادر مجموعة كبيرة من العقود والمعاهدات، ومنها معاهدات مع وفد همذان والنخع وكلب وثقيف وأذرح والجرباء وغيرها (?) .
كان مضمون هذه المعاهدات متقاربا، فقد ذكر في كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى جرباء وأذرح « ... أنهم امنون بأمان الله، وأمان محمد، وأن عليهم مائة دينار كل رجب، وأن الله عليهم كفيل بالنعم والإحسان إلى من لجأ إليهم من المسلمين» (?) ، وهكذا كانت بقية المعاهدات إلا في بعض التفصيلات التي تخص كل قوم دون غيرهم.
كانت تتسم هذه «المعاهدات والاتفاقيات» بالإيجاز في القول وتحاشي استخدام