رسول الله صلّى الله عليه وسلم (?) .
وقد كان من عادة النبي صلّى الله عليه وسلم أن يتزين عند استقباله للوفود فيذكر البخاري (ت 256 هـ) أن رجلا أهدى للنبي حلة، فقال له: «لتتجمل بها يا رسول الله للوفود» (?) . وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يكرم الوفود ويبسط رداءه لبعضهم، ويشركهم في الجلوس إمعانا في إزالة الدهشة، وإدخال المسرة، ذكر ابن ماجه (ت 275 هـ) ، أنه لما وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم زيد الخيل بسط له رداءه، وأجلسه عليه وقال: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» (?) وفي هذا إشارة إلى أن التكريم كان على حسب درجات القوم ومنزلتهم، ويذكر ابن سعد (ت 230 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم خصص مكانا ينزل فيه ضيوف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت دار رملة بنت الحارث النجارية مكانا معدّا لاستقبال الوفود، وأطلق عليها بعضهم اسم «دار الضيفان» (?) .
وكانت «الجوائز» حقّا اخر يتمتاع به السفراء عند استقبالهم ووداعهم، ويتضح هذا من قول ابن خالدون (ت 808 هـ) : «كان النبي صلّى الله عليه وسلم يحسن وفادة الوفود ويحسن جوائزهم، وهذا كان شأنه مع الوفود ينزلهم إذا قدموا ويجهزهم إذا رحلوا» (?) ويشير ابن سعد (ت 230 هـ) إلى هذا التكريم بقوله: «إن وفد بني حنيفة أنزلوا في دار رملة بنت الحارث وأجريت عليهم ضيافة، فكانوا يؤتون بغداء وعشاء مرة خبزا ولحما ومرة خبزا ولبنا، ومرة خبزا وسمنا» (?) ، وعند ما جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان خالد بن سعيد (ت 14 هـ) يمشي بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكانوا لا يأكلون طعاما يأتيهم حتى يأكل منه خالد (?) . ويذكر ابن إسحاق (ت 151 هـ) : «أن بلالا كان يأتيهم بفطرهم وسحورهم في الأيام التي صاموها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم» (?) .
وكما كان النبي صلّى الله عليه وسلم يستقبل الوفود ويستضيفهم كان يزودهم بما يحتاجونه عند