السفر، فيذكر البيهقي (ت 458 هـ) قول النعمان بن المقرن، قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أربعمائة رجل، فلما أردنا أن ننصرف قال: «يا عمر زود القوم» (?) . وهناك إشارات في المصادر تذكر أن بعض هذه الجوائز كانت تكون- أحيانا- نقدية. فيذكر ابن سعد (ت 230 هـ) : «أن النبي صلّى الله عليه وسلم أجاز فروة بن عمرو الجذامي عامل قيصر على عمان باثنتي عشرة أوقية ونش، قال: وذلك خمسمائة درهم» (?) وأجاز النبي صلّى الله عليه وسلم وفود عبد القيس، وبهرام، وغسان، وقضاعة، وغيرهم بمبالغ نقدية مساوية لذلك (?) .
لقد كانت الضيافة وحسن الاستقبال عامة للوفود والسفراء حتى في السفر، ويتضح هذا من رواية الإمام أحمد (ت 241 هـ) أن رسول هرقل قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو في تبوك (سنة 9 هـ) . فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم معتذرا له من عدم وجود جائزة يجيزه بها فقال: «إن لك حقّا، وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة لجوزناك بها، ولكن جئتنا ونحن مرملون (مسافرون) فقال عثمان: أنا أكسوه حلّة صفورية، وقال رجل من الأنصار: عليّ ضيافته» (?) .
ويتضح من هذا أن كسوة الرسول صلّى الله عليه وسلم وضيافته هما من حقوق الرسول كجزء من الاستقبال والتكريم.
ويفترض أن يعامل رسل المسلمين هذه المعاملة. ولذلك فإن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يشترط على بعض الوفود تكريم رسله وضيافتهم. فيذكر ابن سعد (ت 230 هـ) في معرض حديثه عن وفد نجران أن النبي صلّى الله عليه وسلم «اشترط عليهم مؤنة رسله وضمان الحماية لهم» (?) .
لقد كانت هذه جزا من قواعد الدبلوماسية في فترة الرسالة، طبقها النبي صلّى الله عليه وسلم في حياته، ووصى بها صحابته عند موته، فقد ذكر البخاري (ت 256 هـ) في صحيحه بابا سماه «باب جوائز الوفود» أخرج فيه حديثا عن النبي صلّى الله عليه وسلم أن النبي صلّى الله عليه وسلم أوصى عند موته منها: « ... وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم» (?) .
أما بالنسبة إلى الرسائل نفسها فقد كانت تضمن الموضوع الذي أرسلت من أجله فهناك رسائل موضوعها « ... إني أدعوك إلى الله واحده ... » (?) . ويشرح أهداف