وقد ضمنت الأعراف الدبلوماسية للسفراء بعض الحقوق، فهو يملك حقّا يسمى «الأمان» وهو اليوم يسمى الحصانة، وبذلك يكون امنا هو وزوجه وأولاده، وأتباعه الدبلوماسيون (?) ، وتشير المصادر إلى ذلك في قصة الرسل الذين بعثهم مسيلمة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالوا: نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلم: «لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما» (?) وهذا الحق ضروري لتهيئة أفضل الظروف والضمانات لأعضاء البعثات الدبلوماسية والتيسير عليهم في ممارسة وظائفهم، تقديرا لدورهم الجليل في إنشاء العلاقات السياسية الدولية، ويتضح هذا من قول السرخسي (ت 490 هـ) : «إذا وجد الحربي في دار الإسلام، فقال: أنا رسول، فإن أخرج كتابا عرف أنه كتاب ملكهم كان امنا حتى يبلغ رسالته ويرجع؛ لأن الرسل لم تزل امنة في الجاهلية والإسلام؛ وهذا لأن أمر القتال أو الصلح لا يتم إلا بالرسل؛ فلابد من أمان الرسل ليتوصل إلى المقصود» (?) .

وكان من حقوقهم أيضا ألايحبسوا أو يمنعوا من الرجوع إلى قومهم، تذكر المصادر أن قريشا بعثت أبا رافع رسولا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فوقع في نفسه الإسلام فأراد أن يبقى في المدينة ولا يعود إلى مكة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ارجع إليهم، فإن كان الذي في قلبك الذي فيه الان فارجع» (?) ، وهذا ما جعل ابن القيم (ت 751 هـ) يقول: «قوله: لا أحبس البرد، إشعار بأن هذا حكم يختص بالرسل مطلقا» (?) .

ومما يدخل في إطار الحصانات الدبلوماسية ضمان حرية العبادة للذين يأتون إلى الدولة من المبعوثين، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم يأمر أصحابه ألا يتعرضوا إليهم وهم يؤدون واجباتهم الدينية (?) ، وكان هذا باعثا على تقدير من الجهات المرسلة، ويتضح هذا الحق من خلال قصة وفد نصارى نجران، إذ كانوا يؤدون عباداتهم في مسجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015