وترد أول إشارة إلى التعليم الموجه من قبل الدولة لأبناء المسلمين في بدر (2 هـ) ، إذ طلب النبي صلّى الله عليه وسلم من بعض أسرى بدر أن يعلم كل واحد عشرة من أبناء الأنصار الكتابة مقابل فكاك أسرهم (?) ، فتعلم نتيجة لذلك عدد كبير من غلمان المدينة، فكان زيد بن ثابت (ت 56 هـ) ممن تعلم الكتابة حينئذ، وعلل الماوردي (ت 450 هـ) ذلك بقوله:

«وكانت العرب تعظم قدر الخط حتى قال عكرمة: بلغ فداء أهل بدر أربعة الاف حتى إن الرجل ليفادي على أن يعلم الخط، لما هو مستقر في نفوسهم من عظم خطره وجلال قدره وظهور نفعه وأثره» (?) . ويذكر الشعبي (ت 103 هـ) أن سبب تخصيص التعليم لأبناء الأنصار دون المهاجرين أن أهل مكة كانوا يكتبون بينما لم يتوافر هذا لأهل المدينة (?) .

وقد عرفت كلمة «معلم» بالمعنى المفهوم في أيامنا، يشير إلى ذلك المقريزي (ت 845 هـ) بقوله: «إن غلاما جاء يبكي إلى أبيه، فقال: ما شأنك؟، قال:

ضربني معلمي، قال: الخبيث يطلب بذحل (ثأر) بدر، والله لا تأتيه أبدا» (?) .

وانتشرت الكتابة في المدينة بعد هذه الحادثة، ولم نجد في المصادر الأولية ما يدل على عدد أولئك الذين لم يستطيعوا أن يفدوا أنفسهم. وإلا لكنّا قد عرفنا بشكل إحصائي دقيق عدد أولئك الغلمان الذين شملهم التعليم من أسرى بدر.

وتشير المصادر إلى وجود عدد من المعلمين في المدينة، يعلمون الناس بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم فكان عبادة بن الصامت (ت 34 هـ) من المعلمين، وكانت مهمته تتمثل في تعليم «أهل الصفة» القران الكريم (?) وهناك إشارات أن النبي صلّى الله عليه وسلم كلف عبد الله بن سعيد بن العاص (ت 12 هـ) أن يعلم الناس الكتابة في المدينة وكان كاتبا محسنا (?) ويذكر ابن حجر (ت 802 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم دفع وردان بن يزيد بن وردان إلى أبان بن سعيد بن العاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015