حاجات الدولة الإدارية لغياب كاتب بسبب مرض أو غيره (?) .
وعلى كل حال فإن الذين كتبوا الكتاب والكتابين والثلاثة كثير عددهم، ويشير إلى ذلك المسعودي (ت 346 هـ) بقوله: «إنه لم يثبت أسماء هؤلاء من جملة أسماء من كتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يكتب إلا من ثبت على كتابته واتصلت أيامه، وطالت مدته، وصحت الرواية عن ذلك من أمره دون كاتب الكتاب والكتابين والثلاثة، إذ لا يستحق أن يسمى كاتبا ويضاف إلى جملة كتابه» (?) .
كان كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم يكتبون بالخط المقور (النسخي) ، أما الخط المبسوط ويسمى (اليابس) فقد استعمل في النقش على الأحجار وأبواب المساجد. (?)
وذهب البعض إلى أن «ديوان الإنشاات» قد وضع في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول القلقشندى (ت 821 هـ) : «إنه- أي ديوان الإنشاات- أول ديوان وضع في الإسلام، وكان قد تم وضعه في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم» (?) . ولكن إطلاق كلمة «ديوان» على الكتّاب في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلم ليس دقيقا؛ إذ إن «ديوان الإنشاء» نشأ فيما بعد.
وإن الكتابة لم تكن وظيفة ثابتة لهؤلاء الكتّاب تجرى عليهم منها الرواتب، وذكرت المصادر الأولية أن عصر عمر بن الخطاب (ت 23 هـ) كان أول من أنشأ الدواوين في الإسلام، ولم يسمّى أي منها ديوان الإنشاء (?) .
وكما كان «الكتّاب» يشاركون في إدارة الدولة، كان «المعلمون» يقومون بمثل هذا الدور، فقد قام النبي صلّى الله عليه وسلم بإعداد المعلمين إعداد يؤهلهم للقيام بهذه الوظيفة بجدارة واقتدار (?) .
كان من أوائل هؤلاء المعلمين «مصعب بن عمير» (ت 3 هـ) ، حين أرسله النبي صلّى الله عليه وسلم إلى يثرب سفيرا ومعلما. فدعي مصعب «بالمقرئ» (?) وهو لقب جديد أطلق على المعلم ولم يكن معروفا من قبل.