وَأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ عَلَى مَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ

صَدِيقُ عَدُوِّي دَاخِلٌ فِي عَدَاوَتِي ... وَإِنِّي عَلَى وُدِّ الصَّدِيقِ صَدِيقُ

أُعَادِي الَّذِي عَادَى وَأَهْوَى لَهُ الْهَوَى ... كَأَنِّي مِنْهُ فِي هَوَاهُ شَقِيقُ

قَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ ثَقُلَ عَلَى صَدِيقِهِ خَفَّ عَلَى عَدُوِّهِ وَمَنْ أَسْرَعَ إلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ: قَالُوا فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ. جَمَعَ كِسْرَى يَوْمًا مَرَازِبَتَهُ وَعُيُونَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَنْتُمْ أَشَدُّ حَذَرًا؟ قَالُوا مِنْ الْعَدُوِّ الْفَاجِرِ وَالصَّدِيقِ الْغَادِرِ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ اتَّقِ الْعَدُوَّ وَكُنْ مِنْ الصَّدِيقِ عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّ الْقُلُوبَ إنَّمَا سُمِّيَتْ قُلُوبًا لِتَقَلُّبِهَا قَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ:

احْذَرْ مَوَدَّةَ مَاذِقٍ ... مَزَجَ الْمَرَارَةَ بِالْحَلَاوَهْ

يُحْصِي الذُّنُوبَ عَلَيْكَ ... أَيَّامَ الصَّدَاقَةِ لِلْعَدَاوَهْ

وَقَالَ صَالِحٌ:

إذَا وَتَرْتَ امْرَأً فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ ... مَنْ يَزْرَعْ الشَّوْكَ لَا يَحْصُدْ بِهِ عِنَبَا

إنَّ الْعَدُوَّ وَإِنْ أَبْدَى مُسَالَمَةً ... إذَا رَأَى مِنْك يَوْمًا فُرْصَةً وَثَبَا

وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ:

عَدُوُّك مِنْ صَدِيقِك مُسْتَفَادٌ ... وَأَقْلِلْ مَا اسْتَطَعْت مِنْ الصِّحَابِ

فَإِنَّ الدَّاءَ أَكْثَرُ مَا تَرَاهُ ... يَكُونُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ

وَقَالَ آخَرُ:

إذَا مَا الْمَرْءُ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ ... فَبِرُّ صَدِيقِهِ فَرْضٌ عَلَيْهِ

وَإِنْ عَنْهُ الصَّدِيقُ أَقَامَ يَوْمًا ... فَوَجْهُ الْبِرِّ أَنْ يَسْعَى إلَيْهِ

وَإِنْ كَانَ الصَّدِيقُ قَلِيلَ مَالٍ ... يَضِيقُ بِذَرْعِهِ مَا فِي يَدَيْهِ

فَمِنْ أَسْنَى فِعَالِ الْمَرْءِ أَنْ لَا ... يَضِنَّ عَلَى الصَّدِيقِ بِمَا لَدَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015