وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا» تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا؟ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُ عَائِشَةَ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مَا يَمْنَعُك مِنْ زِيَارَتِنَا قَالَ مَا قَالَ الْأَوَّلُ: زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مَرْفُوعًا «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» أَخَذَهُ الشَّاعِرُ فَقَالَ:
إذَا شِئْت أَنْ تُقْلَى فَزُرْ مُتَوَاتِرَا ... وَإِنْ شِئْت أَنْ تَزْدَادَ حُبًّا فَزُرْ غِبَّا
وَلِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْكَاتِبِ:
إنِّي رَأَيْتُك لِي مُحِبَّا ... وَلِي حِينَ أَغِيبُ صَبَّا
فَهَجَرْت لَا لِمَلَالَةٍ ... حَدَثَتْ وَلَا اسْتَحْدَثْتُ ذَنْبَا
إلَّا لِقَوْلِ نَبِيِّنَا ... زُورُوا عَلَى الْأَيَّامِ غِبَّا
وَلِقَوْلِهِ مَنْ زَارَ غِبَّا ... مِنْكُمْ يَزْدَادُ حُبَّا
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
فَضَعْ الزِّيَارَةَ حَيْثُ لَا يُزْرِي بِنَا ... كَرَمُ الْمَزُورِ وَلَا يُعَابُ الزَّائِرُ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلِبَعْضِ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ:
أَزُورُ خَلِيلِي مَا بَدَا لِي هَشُّهُ ... وَقَابَلَنِي مِنْهُ الْبَشَاشَةُ وَالْبِشْرُ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَشٌّ وَبَشٌّ تَرَكْتُهُ ... وَلَوْ كَانَ فِي اللُّقْيَا الْوِلَايَةُ وَالْبِشْرُ
وَحَقُّ الَّذِي يَنْتَابُ دَارِي زَائِرًا ... طَعَامٌ وَبِرٌّ قَدْ تَقَدَّمَهُ بِشْرُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
إذَا مَرِضْتُمْ أَتَيْنَاكُمْ نَزُوركُمْ ... وَتُذْنِبُونَ فَنَأْتِيكُمْ وَنَعْتَذِرُ
وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ:
مَا لِي مَرِضْت فَلَمْ يَعُدْنِي عَائِدٌ ... مِنْكُمْ وَيَمْرَضُ كَلْبُكُمْ فَأَعُودُ