إخوتاه ..
إنني أسوق إليكم الأمثلة والشواهد، وأطيل في ذلك لعل باعث الشوق يتردد في نفوسكم.
يحكى القاضي عياض في تاريخه عن الإمام سحنون المالكي قال: قال أبو العرب أن سحنون خلا يوما بتلميذه سعيد بن عباد فقال له: ألست بإمامك؟ قال: بلى. قال: وتقبل قولي. فقال: نعم لو لم أقبله لما اختلفت إليك.
فقال له: هذا قولي ويميني فحلف بالله، وأراه صرة في يده ذكر أن فيها ثلاثين ديناراً.
وقال له: ما هي من سلطان، ولا من تجارة، ولا وصية، وما هي إلا من ثمرة شجر غرستها بيدي، فخذها تتقوى بها على أمر دينك ودنياك.
فقال سعيد: أنا غنى عنها (مع كونه مفرط الحاجة إلى ما دونها).
فقال سحنون: خذه سلفا، فتزوج منها، وتنفق منها، فإن رزقك الله ردها فأقبلها منك، فإن تعذر فأنت منها في حل.
فقال سعيد: ما كنت بالذي آخذ ديناً في ذمتي من غير حاجة. أهـ
إخوتاه ..
هكذا كانوا، فقراؤهم يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، وأغنياؤهم لا يرون لأنفسهم في أموالهم حقا.
وهذا سعيد بن المسيب في خبر تزويجه ابنته لتلميذه عبد الله بن وداعه على ثلاثة دراهم، والقصة مشهورة لكن انظر فيها لتفقد سعيد - رضي الله عنه - لتلميذه، لأنَّه لم يحضر الدرس فذهب إليه فأخبره أنَّ زوجته ماتت فانشغل بتجهيزها.