قال الهيثم بن جميل: جاء فضيل بن مرزوق ـ وكان من أئمة الهدى زهدا وفضلا ـ إلى الحسن بن حيى فأخبره أن ليس عنده شئ .....

فقام الحسن فأخرج ستة دراهم، وأخبره أنَّه ليس عنده غيرها فقال: سبحان الله أليس عندك غيرها وأنا آخذها، فأخذ ثلاثة وترك ثلاثة ".

إنها صورة متكررة في حياتهم، لأنَّهم ألفوا التجرد لله، واستقر الإيمان في القلب فبدت معالم ذلك في أخلاقهم وسلوكياتهم.

كان الإمام أحمد يقول: " لو أنَّ الدنيا جمعت حتى تكون في مقدار لقمة ثمَّ أخذها امرؤ مسلم فوضعها في فم أخيه المسلم لما كان مسرفا ".

هذا هو الكرم الحقيقي، كرم الأخلاق، كرم المعاملة، فإذا جاءك ضيف فقدم له ما وسعت فليس ذلك بإسراف " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " (?) فأنت مأمور بذلك.

إخوتاه ..

إن السبب الرئيسي لما نحن فيه هو الاشتغال بالدنيا عن الآخرة، فهذا الشح والبخل الذي يقع في قلوبنا سببه المغريات الدنيوية التي وقعنا فريسة لها، فلابد من الانخلاع والانفلات من عبودية المادة، والتنصل من متطلبات الحياة، وأن يسعك ما وسع من قبلك، لابد أن تخرج الدنيا من قلبك إلى يدك سهلة المنال، فتعتاد البذل لكل أحد، فهذا حقيقة التجرد بدون تعقيد أو تقعر في العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015