وتطلّبتُ القرب من الكمال فيما أردت نشره من ذلك ... وحَبَسْتُ الأوراق، وطال الحبس، وكَثُرَ إلحاح بعض الإخوة الفضلاء في نشرها أو نشر ما اطلعوا عليه منها ...

وتوصلت في النهاية إلى اختيار عدم التضحية بالكل طلباً للكمال الذي يعز الوصول إليه.

ولكن حسبك أن تُصحِّح النية، وأن تبذل الوسع، وأن تجتهد أن لا تنشر إلا صواباً - بحسب الإمكان- في أقل الأحوال.

وها أنا أقدمها إلى القارئ العزيز وريقاتٍ بذلت فيها ما الله أعلم به من: الوقت، والجهد، والتأمل والتفكير، والمعاناة!!.

وقد جاءت ثمراتِ أحوالٍ مختلفة: فمنها ما كُتب في المكتبة، ومنها في السفر، ومنها في السيارة، ومنها في الطريق، ومنها في السهل ومنها على رأس جبل، ومنها ما كان في راحة بال، ومنها ما كان في حال انشغال، ومنها ما كان في حال شدة، ومنها ما كان بضدها، ومنها ما كان في حالة سموّ نفسي، ومنها ما كان في حالِ بُعْدٍ شيئاً ما عن ذلك. لقد تجمعتْ هذه الأوراق عن الأخلاق عَبْر هذه الأحوال كلها!!

ولعلها بهذا تكون أقرب إلى واقع الإنسان حينما يجاهد نفسه في مختلف الأحوال تلك ليكون على الخُلُق الحميد. والأخلاقُ تشمل كل ظروف الإنسان وكل وقته، ولا عجب فلكل حالٍ يمر بها المرء خلقٌ فاضل ينبغي له أن يلتزمه، وما من حَدَثٍ يتجدد له في يومه أو ليله إلا وله خلق فاضل مناسب، فمن يَلْتزِمُ لكل ظرفٍ ووقتٍ ما يجب عليه فيه من خلق كريم يكن هو صاحب الأخلاق الفاضلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015