ولقد استمرت تلك المشاهدات والتجارب عدداً من السنوات، انتقلْتُ بعدها إلى كتابة عددٍ من الملحوظات تجاهها، استهدفتُ فيها تسجيل ما يشبه القواعد والمنطلقات اللازمة لمحاكمة النفس، أو لتبصيرها بالطريق إلى اكتساب الأخلاق الفاضلة، وطريقة تجاوز بعض العقبات!.
وعرضتُ أولئك الكلمات على عددٍ من الناس في مناسبات متعددة فلقيتْ قبولاً نبهني على مدى الحاجة إلى الكتابة عن الموضوع، فاستكملت تلك الأوراق بأوراق أخرى ليست بعيدة عن الهدف ذاته، وليست بعيدة عن الدوافع والأسباب ذاتها أيضاً.
فأصبحتْ هذه وتلك عصارة أشجانٍ يتطلع صاحبها إلى أن يتخلق بالأخلاق الحميدة، وإلى أن يتخلق بها كذلك الناس من حوله.
إن هذه الوريقات التي أُقدمها إلى القارئ العزيز قد جاءت ثمرةً لحالاتٍ متعددة، مَرَّ بها كاتبها، حاول من خلالها أن يرصد الخطأ حيناً، وما ينبغي أن يكون حيناً آخر.
وتشعبت الموضوعات تشعبَ الأخلاق ذاتها، ولم يكن -مع ذلك- بالإمكان استيعاب كل الموضوعات؛ لأن الأخلاق تَدْخل في تصرفات الإنسان كلها، وفي سلوكه وفي اهتماماته كلها، فلا يمكن فصلها عن شيء من حياته: جده وهزله، فرحه وحزنه، خطئه وصوابه....