دَخَلَ الْمَذْنُوبُ الْهَمْدَانِيُّ مِنْ وَدَاعَةِ هَمْدَانَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِعَنًّا شِرِّيرًا، هَجَّاءً لِلنَّاسِ، مُبْتَدِيًا لَهُمْ.

فَقَالَ لِلْمَذْنُوبِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

فَاغْتَمَزَ فِيهِ، فَقَالَ:

أَمِيزَانَانِ مِنْ شُؤْمٍ وَلُؤْمٍ ... أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ عَدْلٌ قَبُوحُ

فَقَالَ لَهُ الْمَذْنُوبُ:

جُذَامٌ نَازِلٌ بِكَ غَيْرَ شَكٍّ ... أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ بَرَصٌ يَلُوحُ

قَالَ: أَنْتَ الْمَذْنُوبُ؟ قَالَ: إِنَّ ذَاكَ لَيُقَالُ.

قَالَ: إِنِّي عَائِذٌ بِكَ "

حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: " جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى قُبَاءٍ، فَسَمِعَ رَجُلا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَتَغَنَّى فِي رَأْسٍ عَذْقٍ، يَقُولُ:

لَنَا فَرْعُهَا الأَعْلَى وطِيبُ تُرَابِهَا ... وَدَارُ بَنِي النَّجَّارِ قَاصِيَةٌ وَعْلُ

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ:

كَذِبْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ مَعْشَرٌ أَهْلَ حَرَّةٍ ... نَفَوْكُمْ وَحَلُّوا بِالدِّمَاثِ وَبِالسَّهْلِ

أَبَوْا وَاسْتَعَفُّوا أَنْ يُرَى بِجِلُودِهِم ... نُدُوبٌ فَبَاعُوا السَّقْيَ بِالْحَلَّةِ الْبَعْلِ

عبد الرحمن بن حسان كان يشبب بابنة معاوية، ويذكرها في شعره، فقال الناس لمعاوية: لو جعلته

132 - حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنِ ابْنِ دَأْبٍ، قَالَ: " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانٍ كَانَ يُشَبِّبُ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ، وَيَذْكُرُهَا فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاوِيَةَ: لَوْ جَعَلْتَهُ نَكَالا؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لا، وَلَكِنِّي أُدَاوِيهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَأَذِنَ لَهُ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى سَرِيرِهِ مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فُلانَةً، لابْنَةٍ لَهُ أخرى، عَاتِبَةٌ عَلَيْكَ.

قَالَ: وَفِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مَدْحَتِكَ أُخْتِهَا وَتَرْكِهَا، قَالَ: فَلَهَا الْعُتْبَى وَكَرَامَةٌ، أَنَا ذَاكِرُهَا، وَمُمْتَدِحُهَا، فَلَمَّا فَعَلَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّاسَ، قَالُوا: قَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّ تَشْبِيبَ ابْنِ حَسَّانٍ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ لَشَيْءٌ، فَإِذَا ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ مُعَاوِيَةَ وَأَمْرِهِ "

حَدَّثَنِي الأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَيَّةَ النَّمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَرَزْدَقُ، قَالَ: " كُنَّا فِي ضِيَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَمَعَنَا كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ التَّغْلَبِيُّ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَسَّانٍ قَدْ فَضَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ، وَغَلَبَهُ، وَفَضَحَنَا، فَاهْجُ الأَنْصَارَ، قَالَ لَهُ: أَرَادِّيِ أَنْتَ فِي الشِّرْكِ؟ أَهْجُو أَقْوَامًا نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَآوَوْهُ، وَلَكِنِّي أَدُّلُكَ عَلَى غُلامٍ مِنَّا نَصْرَانِيٍّ لا يُبَالِي أَنْ يَهْجُوَهُمْ، كَأَنَّ لِسَانَهُ لِسَانُ ثَوْرٍ.

قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: الأَخْطَلُ.

فَدَعَا فَأَمَرَهُ بِهِجَائِهِمْ.

قَالَ: عَلَى أَنْ تَمْنَعَنِي.

قَالَ: نَعَمْ

حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ يُشَبِّبُ بِرَمْلَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ يَزِيدُ كَعْبَ بْنَ جُعَيْلٍ أَنْ يَهْجُوَهُ فَدَلَّهُ عَلَى الأَخْطَلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015