123 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّليُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَوْمًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ ثَلاثَ حَوَائِجَ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا أُولاهُنَّ فَتُقِيمُ جُلَسَاءَكَ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ فَقَامُوا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلا تَغْضَبْ.

قَالَ: وَلا أَغْضَبُ.

قَالَ: وَمَا الثَالِثَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ كُلَّ مَنْ وَرَاءَ بَابِكَ مَقْتُولٌ مَقْهُورٌ.

قَالَ: فَغَضِبَ.

فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ ضَمِنْتَ أَنْ لا تَغْضَبَ.

قَالَ: فَلا أَغْضَبُ إِذًا.

رددت أمر المسلمين إليك فدبرهم برأيك، واتق الله الذي إليه معادك، فقد أخرجت من رقبتي ذلك.

وَأَخْرَجَ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ قَدْ رَدَدْتُ أَمْرَ الْمُسِلِمِينَ إِلَيْكَ فَدَبِّرْهُمْ بِرَأْيِكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ مَعَادُكَ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ مِنْ رَقَبَتِي ذَلِكَ.

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْتَ ابْنُ عِمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أُدَبِّرُ أَنَا الْخِلافَةَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: قُلْتُ: تَرْفَعُ حُجَّابِكَ، وَتَطْرَحُ أَبَدًا عَلَى بَابِكَ، فَلا يَجِيءُ أَحَدٌ مُتَظَلِّمٌ مِنْ عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِكَ إِلَى بَلَدٍ مِنَ الْبِلْدَانِ، تَصَحُّ عِنْدَكَ ظَلامَتُهُ إِلا أَمَرْتَ، فَجِيءَ بِهِ مَسْحُوبًا مَاشِيًا إِلَى بَابِكَ فَأَنْصَفْتَهُ مِنْهُ، قَالَ: فَأَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَمَا أَمْكَنَنَا، وَلا أُعِنَّا عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اجْعَلْهُ أَكْبَرَ شُغْلِكَ، فَإِنَّكَ تُدْرِكُهُ.

قَالَ: أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمَعُونَةَ عَلَى ذَلِكَ "

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: " وَفِدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ قَاضِي الْبَصْرَةِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ فَتَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَيْنَا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ يُغَدِّي أَصْحَابَهُ، إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، يَقُولُ لَهُ: ايتِنِي السَّاعَةَ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَتِمُّوا غَدَاكُمْ، وَرَكِبَ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ تَكَلَّمْتَ الْيَوْمَ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ حَاضِرٌ، فَأُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُ عَسَى أَنْ يَجْرِيَ لِي ذِكْرٌ، فَتَنْظُرَ هَلْ أَعْجَبَهُ كَلامِي.

قَالَ شَبِيبٌ: فَجِئْتُهُ وَقَالَ: تَكَلَّمَ صَاحِبُكُمُ الْيَوْمَ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا سَمِعْتَ؟ قَالَ: رَسَائِلُ غَيْلانَ، وَمَوَاعِظُ الْحَسَنِ، وَنَسْجٌ بَيْنَ ذَلِكَ مُمَلَّحٌ

حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ، قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا اسْتُبِينَ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحِرْصِهِ عَلَى الْعِلمِ، وَرَغْبَتِهِ فِي الأَدَبِ، أَنَّ أَبَاهُ وَلِيَ مِصْرَ، وَهُوَ حَدِيثُ السِّنِّ يُشَكُّ فِي بُلُوغِهِ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَهُ مَعَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَهْ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَعَ لِي وَلَكَ أَنْ تُرْسِلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقْعُدُ إِلَى فُقَهَاءِ أَهْلِهَا، وَأَتَأَدَّبُ بِأَدَبِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015