فَلَوْلا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَادَى فِي أَهْلِ الْيَمَنِ، وَأَنْتَ فِي أَضْيَقِ مِنَ الْقَرْنِ فَأَظَلَّتْكَ رِمَاحُهُمْ، وَعَلاكَ كِفَاحُهُمْ لَكُنْتَ مَأْسُورًا فِيهِمْ، قَدْ أُخِذَ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ نِسَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ نَفَضْنَ الْعِطْرَ عَنِ غَدَائِرِهِنَّ وَبِعْنَهُ فِي أَعَطِيَةِ أَوْلِيَائِهِ، وَأَمَّا مَا أَشَرْتَ بِهِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَطْعِ لَذَّاتِهِ، وَبُلُوغِ أَوْطَارِهِ مِنْ نِسَائِهِ، فَإِنْ يَكُنْ إِنَّمَا يَنْفَرِجْنَ عَنْ مِثْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَغَيْرُ مُجِيبِكَ إِلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كُنَّ إِنَّمَا يَنْفَرِجْنَ عَنْ مِثْلِ مَا انْفَرَجَتْ بِهِ أُمُّكَ الْبَظْرَاءُ، مِنْ ضَعْفِ الْغَرِيزَةِ، وَقُبْحِ الْمَنْظَرِ، فِي الْخَلْقِ وْالْخُلُقِ يَا لُكَعُ، فَمَا أَحَقَّهُ أنْ يَقْتَدِيَ بِقَوْلِكَ، قَاتَلَ اللَّهُ الَّذِي يَقُولُ، وَسِنَانُ غَزَالَةَ الْحَرُورِيَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ:
أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الْحَرْبِ نَعَامَةٌ ... رَبْدَاءُ تَنْفِرُ مِنْ صَفِيرِ الصَّافِرِ
هَلا بَرَزْتَ إِلَى غَزَالَةَ فِي الْوَغَى؟ ... أَمْ كَانَ قَلْبُكَ فِي جَنَاحَيْ طَائِرِ
صَدَعَتْ غَزَالَةُ قَلْبَهُ بِفَوَارِسٍ ... تَرَكَتْ نَوَاظِرَهُ كَأَمْسِ الدَّابِرِ
ثُمَّ أَمَرَتْ جَارِيَةً لَهَا فَأَخْرَجَتْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْوَلِيدِ، قَالَ: مَا كُنْتَ فِيهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا سَكَتَتْ حَتَّى كَانَ بَطْنُ الأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ ظَهْرِهَا.
إِنَهَا ابْنَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: " هَنَّأَ رَجُلٌ رَجُلا فِي مَجْلِسِ الْحَسَنِ بِمَوْلُودٍ، فَقَالَ: هَنَّاكَهُ اللَّهُ، وَهَنَّاهُوكَ حَتَّى تَكُونَ كَهُ وَيَكُونَ كَكَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: " وَاللَّهِ مَا يُبَالِي رَجُلٌ، أَطَمْطَمَ بِالْفَارِسِيَّةِ، أَمْ تَكَلَّمَ بِمِثْلِ كَلامِكَ
313 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّليُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: دَخَلَ عَمْرُو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِنْدَهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ، وَشَرِيكُ بْنُ الأَعْوَرِ الَحَارِثَيَّانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَأَبْرَامٌ بَنُو مَخْزُومٍ؟ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا ثَوْرٍ» ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى خَالِكَ أَبِي سُلَيْمَانَ يَعْنِي خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَأَتَانِي بِثَوْرٍ وَقَوْسٍ وَكَعْبٍ، فَأَطْعَمَنِيهِ.
فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَسَعَةً» .
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَكَ أَوْ لِي، قَالَ: «بَلِ لِي وَلَكَ» .
قَالَ: كَلا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي آكُلُ الْجَدْعَةَ حَتَّى أُنِقَّهَا عَظْمًا عَظْمًا، وَأَشْرَبُ التِّبْنَ مِنَ اللَّبَنِ، رَثِيئَةً وَصَرِيفًا.
قَالَ: فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ قَوْلِهِ.