أَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عُرْوَةَ:
يَا هَالِكًا تَرَكَ الدُّمُوعَ كَأَنَّهَا ... وَشَلٌ تَغَلْغَلَ مِنْ مَعِينٍ مُهْمَلِ
لَوْ كُنْتَ أَعْلَمُ أَنْ بَيْنَكَ عَاجِلٌ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَعْلَتُ مَا لَمْ أَفْعَلِ
وَأَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ لِابْنِ الْخَيَّاطِ فِي مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَأْبَى الْجَوَابُ فَمَا يُكَلَّمُ هَيْبَةً ... وَالسَّائِلُونَ نَواكِسُ الأَذْقَانِ
هَدْيُ النَّبِيِّ وَعَزُّ سُلْطَانِ التُّقَى ... وَهُوَ الْمَهِيبُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ
حَدَّثَنِي جَهْمُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِلَرَّبِيعِ بْنِ ضَبْعِ بْنِ وَهْبِ بْنِ بَغِيضِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَسَّأَ لِي فِي الأَجَلِ حَتَّى بِلَغْتُ أَنْ أَرَى رَبِيعًا وَقَالَ: وَقَامَ الرَّبِيعُ بْنُ ضَبْعٍ حِينَ وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَنْشَدَهُ:
ثَلاثُ مِئِينٍ مِنْ سِنِيَّ فَقَدْ مَضَتْ ... وَهَا أَنَذَا قَدْ أَرْتَجِي مَرَّ رَابِعِ
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا شَهِدْتَ يَا رَبِيعُ؟ قَالَ: شَهِدْتُ جَمْعَ جَدِّي عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ لِلسُّودَانِ فِي أَمْرِ أَبْرَهَةَ الأَوَّلِ حِينَ أَرْسَلَتْ حِمْيَرُ تَسْتَصْرِخُ عَلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَدَوَّخَتِ السُّودَانُ أَرْضَ الْيَمَنِ، وَحَوَتْهُ إِلا مَنِ اعْتَصَمَ بِالْجِبَالِ مِنْ حِمْيَرَ فَسَارَ بِهِمْ، وَسَارَتْ كِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ وَأَفْنَاءُ خِنْدِفٍ، وَعَلَيْهِمْ قُصَيٌّ حِينَ هَبَطُوا جُدَّةَ.
قَالَ: وَمِثْلُ مِنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ يَا رَبِيعُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا أَسْرَعُ النَّاسِ وَثْبَةً عِنْدَ الدَّاعِي، وَأَضْبَطُهُمْ لِرَأْسِ فَرَسٍ، وَأَجْمَعُهُمْ لِسِلاحِي.
وَأَنْشَدَ جَهْمٌ لِلرَّبِيعِ بْنِ ضَبْعٍ:
أَلا أَبْلِغْ بُنَيَّ بَنِي رَبِيعٍ ... فَأَشْرَارُ الْبَنِينَ لَهُمْ فِدَاءُ
وَإِنِّي قَدْ كَبُرْتُ وَرَقَّ عَظْمِي ... فَلا يَغْرُرْكُمُ مِنِّي النِّسَاءُ
وَإِنَّ كَنَائنِي لَنِسَاءُ صِدْقٍ ... وَمَا عَقَّ الْبَنُونَ وَلا أَسَاءُوا
إِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ فَأَدْفَئُونِي ... فَإِنَّ الشَّيْخَ يَهْدِمُهُ الشِّتَاءُ
فَأَمَا حِينَ يَذْهَبُ كُلُّ قُرٍّ ... فَسِرْبَالٌ خَفِيفٌ أَوْ رِدَاءُ
قَالَ جَهْمُ بْنُ مَسْعَدَةَ: الْخَرِيفُ مَا بَيْنَ طُولِ النَّهَارِ إِلَى اسْتَوَائِهِ مَعَ اللَّيْلِ، وَيَلِيهِ الرَّبِيعُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ اسْتِوَائِهِمَا إِلَى قِصَرِ النَّهَارِ، وَيَلِيهِ الصَّيْفُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِصَرِ النَّهَارِ إِلَى اسْتَوَائِهِمَا، وَيَلِيهِ الْحَمِيمُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ اسْتَوَائِهِمَا إِلَى طُولِ النَّهَارِ ".
حَدَّثَنِي جَهْمُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: " نَزَلَ عَقِيلُ بْنُ عُلَّفَةَ وَشَبِيبُ بْنُ الْبَرِصَاءِ وَأَرْطَاةُ بْنُ سُهَيَّةَ بِعَلْقَمَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي دَهْمَانَ بْنِ أَشْجَعَ، فَلَمْ يَقْرِهِمْ، فَقَالَ عَقِيلُ بْنُ عَلْقَمَةَ حِينَ رَحَلُوا:
أَفِي سَالِفِ الأَيَّامِ أُمْ فِي حَدِيثِهَا ... تَعَوَّدَتْ أَلا تَقْرِيَ الضَّيْفَ عَلْقَمَا
وَقَالَ: انْفذْْ يَا شَبِيبُ، فَقَالَ شَبِيبُ بْنُ الْبَرْصَاءِ:
لَبِثْنَا طَلِيقًا ثُمَّ جَاءَ بِمُذْقَةٍ ... كَمَاءِ السِّلاءِ فِي مَائِلِ الشِّدْقِ أَضْجَمَا
فَقَالَ أَرْطَاةُ:
فَلَمَّا رَأَيْنَا أَنَّهُ عَاتِمُ الْقِرَى ... رَمَيْنَا بِهِنَّ اللَّيْلَ حَتَّى تَجَرَّمَا