ابن سياوشان فضرب جنبه بالصولجان، فلما سمع حس الدرع استل سيفه وضربه حتى قتله.
وتنادى الناس: قتل بهرام في الميدان، فظن بندويه ان بهرام شوبين المقتول، فركب دابته، ومضى نحو الميدان، فلما علم ان المقتول صاحبه خرج متنكرا، يسير الليل، ويكمن النهار، حتى اتى اذربيجان، فأقام مع موسيل واصحابه هناك.
ولما سار كسرى من الدير سار يوما وليله، وتلقاهم اعرابى، فوقفوا عليه، فسأله كسرى، وكان يحسن بالعربية شيئا، من هو؟ فاخبر انه من طيّئ، وان اسمه اياس بن قبيصة، فقال له: اين الحى؟، فقال: قريب، قال: فهل من قرى، فقد بلغ منا الجوع؟، قال: نعم، فعدلوا معه الى الحى، فنزلوا به، وسرحوا خيلهم ترتع، وأقاموا عنده يومهم، فاحسن قراهم، وزودهم، وخرج بهم حين امسوا يدلهم الطريق، حتى اخرجهم لثلاث بيالس [1] من شاطئ الفرات. ثم انصرف.
وسار كسرى حتى انتهى الى اليرموك، فخرج اليه خالد بن جبله الغساني، فقراه، ووجه معه خيلا حتى بلغ قيصر، فدخل عليه، وابثه شانه، وما توجه له، فوجده بحيث امل من نصره، ومعونته.
فقال له بطارقته: ايها الملك قد علمت ما لقى من كان قبلك من آبائك من هؤلاء، منذ زمان الاسكندر، وكان آخر ما لقينا منهم اغتصاب جد هذا إيانا مدن الشام التي لم تزل في أيدينا ارثا من آبائنا منذ الف عام، فردها عليك ابو هذا حين اجلبت بخيلك ورجلك، فدع القوم يشتغل بعضهم ببعض، فان حرب العدو بعضهم بعضا فتح عظيم.
فقال قيصر لعظيم الأساقفة: ما تقول أنت يا كبيرنا؟.
فقال: لا يحل لك خذلانه، إذ كان مبغيا عليه، والرأي ان تنصره، ليكون لك سلما ما بقيت وبقي.