ثم ان بهرام جمع اليه وجوه المملكة، فقال: قد علمتم ما ارتكب كسرى من الوزر العظيم بقتل ابيه، وقد مضى هاربا، فهل ترضون ان اقوم بتدبير هذا الملك حتى يدرك شهريار بن هرمزد مدرك الرجال، فاسلمه اليه. فرضى بذلك فريق، وأباه فريق. فممن ابى موسيل الأرمني، وكان من عظماء المرازبه، وقال لبهرام: ايها الاسبهبد [1] ، ليس لك ان تقوم بشيء من ذلك، وكسرى صاحب الملك ووراثه في الأحياء، فقال بهرام: من لم يرض فليرتحل عن المدائن، فانى ان صادفت بعد ثالثه أحدا ممن لم يرض ثاويا بالمدائن ضربت عنقه.

فارتحل موسيل الأرمني فيمن كان على رايه، وكانوا زهاء عشرين الف رجل، فساروا الى اذربيجان، فنزلوها ينتظرون قدوم كسرى من الروم، ولم يزل بندويه محتبسا عند بهرام بن سياوشان، فكان بهرام بن سياوشان يحسن اليه في المطعم والمشرب ليتخذ بذلك زلفه عنده، لما ظن ان كسرى سينصرف، ويرجع اليه الملك، وكان إذا جن عليه الليل اخرجه من محبسه، فاجلسه معه على شرابه، فقال بندويه ذات ليله لبهرام: يا بهرام، ان ما أنتم فيه سيضمحل، ويذهب لظلم بهرام شوبين واعتدائه. فقال بهرام: والله لاعرف ما تقول، وانى لاهم بأمر. قال بندويه: وما هو؟ قال: اقتل غدا بهرام شوبين، واريح الناس منه، ليرجع الملك الى نظامه وعنصره قال بندويه: اما إذ كان رأيك، فاطلقنى من قيدي، ورد على دابتى وسلاحي، ففعل.

ولما اصبح بهرام بن سياوشان تدرع تحت ثيابه درعا، واشتمل على السيف، فابصرت ذلك امراته، وكانت بنت اخت بهرام شوبين، فاسترابت به، وبعثت الى بهرام تعلمه ذلك.

وابتكر بهرام الى الميدان، فكان لا يمر به احد من اصحابه الا ضرب جنبه بالصولجان، فلم يسمع حس [2] الدرع من احد منهم، حتى مر به بهرام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015