قال قيصر: وهل يجوز للملوك ان يستجار بهم فلا يجيروا؟.
فاخذ على كسرى العهود والمواثيق بالمسالمه، وزوجه ابنته مريم، ثم عقد لابنه ثيادوس في ابطال جنوده، وفيهم عشره رجال من الهزار مردين [1] ، وقواهم بالأموال والعتاد، وامرهم بالمسير معه، وشيعهم ثلاثة ايام.
فسار كسرى بالجيش، فاخذ على أرمينية حتى إذا صار باذربيجان انضم اليه خاله بندويه وموسيل الأرمني ومن معه من مرازبته ومرازبه فارس.
وبلغ خبره بهرام شوبين، فسار جادا بالجنود حتى وافاه باذربيجان، فعسكر على فرسخ من معسكر كسرى. ثم تزاحفوا، ونصب لكسرى وثيادوس سرير من ذهب فوق رابيه تشرف بهما على مجتلد القوم، ولما تواقفت الخيلان اقبل رجل من الهزار مردين حتى دنا من كسرى، فقال: ارنى هذا الذى غلبك على ملكك. فدخلت كسرى انفه من تعييره اياه بذلك، فكظمها، غير انه أراه بهرام شوبين، فقال: هو صاحب الفرس الأبلق المعتجر [2] بالعمامة الحمراء، الواقف امام اصحابه.
فمضى الرومي نحو بهرام شوبين، فناداه: ان هلم الى المبارزه، فخرج اليه بهرام، فاختلفا ضربتين، فلم يصنع سيف الرومي شيئا في بهرام، لجوده درعه، وضربه بهرام على مفرق راسه، وعليه البيضه، فقد البيضه، وافضى السيف الى صدر الرومي، فقده حتى وقع نصفين، عن يمين وشمال.
وابصر ذلك كسرى، فاستغرب ضحكا، فغضب ثيادوس، وقال: ترى رجلا من اصحابى يعد بألف رجل قد قتل فتضحك، كأنك مسرور بقتل الروم، فقال كسرى: ان ضحكى لم يكن سرورا منى بقتله، غير انه عيرنى بما قد سمعت، فاحببت ان يعلم ان الذى غلبني على ملكي، وهربت منه إليكم، هذه ضربته.