أسبابَها كسائر الفتاوى. واحتَجَّ على ذلك بالقاعدةِ المتقدمة (?)، وهي أنَّ الغالب على تصرُّفه - صلى الله عليه وسلم - الفُتيا، لأنَّ شأنَهُ الرسالةُ والتبليغ.
وأمَّا مالكٌ: فخالَفَ أصلَهُ في القاعدة، وجعَلَهُ من باب التصرُّف بالإِمامة، بخلاف المسألتين المتقدمتين، وسببُه أمورٌ:
أحدُها: قولُهُ تعالى: {واعلَمُوا أنَّما غَنِمتُمِ من شيءٍ فأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} (?). فالآية تقتضي أنَّ السَّلَبَ فيه الخُمُسُ لله - عَزَّ وَجَلَّ -، وبقيتُهُ للغانمين. والآيةُ متواترة، والحديثُ آحاد، والمتواترُ مقدَّم على الآحاد (?).
وثانيها: أنَّ إِباحةَ هذا تُفضِي إِلى فسادِ النيَّات، وأن يَحمِلَ الِإنسانُ بنفسه على قِرْنهِ من الكُفِّارِ لما يَرى عليه من السَّلَب، فربما قَتَله الكافرُ وهو غيرُ مُخْلِصٍ في قتاله، فيَدخُلُ النار! فتذهَبُ النفسُ والدِّين! وهذه مَزَلَّة عظيمة تقتضِي أن يُترَك لأجلها الحديث (?)، لأنَّ الآحَادَ قد تُترَكُ للقواعد، لا سيَّما والحديثُ لم يُتْرَك، وإِنما حَمَلناه على حالةٍ وهو أن يُجعَل من باب