فبين، - صلى الله عليه وسلم - أن الانتصار هو الثبات على الدين، وعدم التراجع مهما كانت العقبات والمعوقات.

6 - أن النصر قد يكون بقوة الحجة، وصحة البرهان، قال الإمام الطبري في قوله تعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) [سورة الصافات، الآيتان:171،172]. يقول -تعالى ذكره- ولقد سبق منا القول لرسلنا أنهم لهم المنصورون، أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أم الكتاب، وهو أنهم لهم النصرة والغلبة بالحجج.

قال السدي: (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) بالحجج. (?)

وقال الطبري: يَقُولُ اللَّهُ: {فَجَعَلْنَاهُمْ} [الأنبياء:70] أَيْ فَجَعَلْنَا قَوْمَ إِبْرَاهِيمَ {الْأَسْفَلِينَ} [الصافات:98] يَعْنِي الْأَذَلِّينَ حُجَّةً، وَغَلَّبْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ، وَأَنْقَذْنَاهُ مِمَّا أَرَادُوا بِهِ مِنَ الْكَيْدِ. (?)

وكذلك نجد هذا المعنى في قوله - تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) [سورة الأنعام، الآية:83]. والرفع هو الانتصار.

وكذلك في سورة البقرة بعد أن ذكر الله محاجة الذي كفر لإبراهيم في ربه، قال الله -تعالى- (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [سورة البقرة، الآية:258]. والبهت هو الهزيمة، أي انهزم الكافر وانتصر إبراهيم بالحجة والبرهان.

إذن فانتصار الداعية بقوة حجته هو انتصار حقيقي، بل هو وسيلة من أهم وسائل انتصار الدين وظهوره.

7 - أن انتصار الداعية، غير محصور في زمان أو مكان، فزمانه الحياة الدنيا ثم الآخرة، ومكانه أرض الله الواسعة.

ولذا فقد يضطهد الداعية في مكان وينتصر في مكان آخر، كما حدث لنبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم - فقد اضطهد في مكة، ثم انتصر في المدينة أولا ثم في مكة ثانيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015