يستثمر عقارا خاصا به .. كإله أو ابن إله، فالفرعون رب أرض مصر، وسيد من عليها، فلم نر أي تمييز ولو فكريا بين تملك خاص، أو تملك تابع للتاج، وبين دولة قائمة بذاتها، كل شيء في مصر الفرعونية يتوقف على الملك وعلى الملك وحده، وهذه هي القاعدة الذهبية الذي قام عليها تاريخ مصر قديما) (?)

وهذا معنى قوله تعالى عن فرعون ودعواه حين قال لقومه {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف:51]!

إن ملك مصر وهذه الأنهار التي تجري من تحت فرعون، أمر قريب مشهود للجماهير، يبهرها وتستخفها الإشارة إليه. فأما ملك السماوات والأرض وما بينهما - ومصر لا تساوي هباءة فيه - فهو أمر يحتاج إلى قلوب مؤمنة تحسه، وتعقد الموازنة بينه وبين ملك مصر الصغير الزهيد! والجماهير المستعبدة المستغفلة يغريها البريق الخادع القريب من عيونها ولا تسمو قلوبها ولا عقولها إلى تدبر ذلك الملك الكوني العريض البعيد! ومن ثم عرف فرعون كيف يلعب بأوتار هذه القلوب ويستغفلها بالبريق القريب! (?)

وهذا هو واقع كل الملكيات اليوم، فهناك ثقافة تتشكل بالخطاب الإعلامي والديني والثقافي توحي بهذا الاستحقاق المزعوم، تارة بشكل صريح، وترة بالتلويح، بأن الأرض والوطن للملك، ولهذا يقرن الملك بالله والوطن في الشعارات والنشيد الوطني (الله الوطن الملك)! (?)

2 - والملك هو السيد والمرجع الأعلى وهو فوق الجميع، وذاته مصونة عن النقد، وهو فوق المساءلة فضلا عن الحساب والعقاب، وإليه يرفع الشعب استرحامه وتضرعاته، ففي المصدر السابق: (الملك ليس رب البلاد ومالكها الأعلى فحسب، بل السيد المطلق الفعلي للأرض وما عليها)! (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015