جاء في كتاب التاريخ العام للحضارة: (لا تعتبر السلطة الملكية المطلقة التي تقررها إرادة الإله تجديدا في الشرق، وتعد هذه النظرية جزءا من مفهوم النظام الملكي المصري) (?)
وهذا يؤكده ما جاء في القرآن الكريم من أخبار عن انحراف تلك المجتمعات على أيدي ملوكهاوطغاتها، كما قال تعالى لموسى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه:24]،وهذا هو السبب في قص القرآن خبر فرعون مصر، وخبر نمرود العراق، حيث قال الأول لنبي الله موسى ولقومه: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:24]،وقال الثاني لنبي الله إبراهيم وهو يحاججه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258]!
وبين القرآن كيف تتشكل نفسية الإنسان في ظل طغيانهم، وكيف يستخف الطاغية بالشعب، فيتبعون أمره على غير هدى، ودون تردد ودون اعتراض: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (} [الزخرف:54]، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)} [هود:96،97]
هذا ومن أبرز أسس الملكية الوراثية الفرعونية في كل عصر ومصر وأشد مفاهيمها خطرا على الإنسان والمجتمعكما أكدته الدراسات العلمية الاعتقاد بأن:
1 - الوطن والأرض والشعب ملك خاص للملك وأسرته، لا بدعوى الملك فقط، بل باعتراف الشعب له بهذا الاستحقاق، سواء بلسان الحال أو المقال، فهم لا ينازعونه ولا يرضون أحدا ينازعه في ملكه، لاعتقادهم بأنه صاحب الأرض وهو سيدهم، وهو أحق بها وبهم منهم أنفسهم!
وأول ملكية عرفتها المجتمعات البشرية هي الفرعونية في مصر، ولهذا تحدث القرآن عنها بكل تفصيل لأنها أول من سن الربوبية البشرية، كما جاء في كتاب (التاريخ العام للحضارة): (كانت مصر إذ ذاك ملكا خاصا لسيدها وربها الفرعون، يستثمرها، كما