والسحربكل أنواعه وأشكاله ووسائله من الشعر والخطابة والدعاية والإعلام حيث تغيّب الحواس عن إدراك حقائق الأشياء، فلا ترى قبح صورة الطاغية، وقبح أفعاله، وقبح مآله، ولا ترى فيه إلا الخير والعدل لولا بطانته التي هي سبب الظلم والفساد!
والدين حيث تستسلم الإرادة بشكل مطلق للسمع والطاعة لغير من يستحقها، بل لمن يحرم طاعته، ويجب مقاومته!
ثم الترهيب بالسجن والتعذيب، والترغيب بالمال والجاه والزينة، فهذا كل ما يحتاجه الطاغية والإله البشري لتتحقق له السيطرة والعلو في الأرض!
إن هذه الحقيقة السياسية الاجتماعية تكاد تغيب عن الأنظار في المجتمعات العربية والإسلامية لشدة تماهيها في المخيالالشعبيمع دين الإسلامالمبدل والثقافة العامة الممسوخة، مع أن القرآن جاء لهدم هذه الظاهرة الوثنية، التي كانت من أقدم وأخطر أسباب انحرافالمجتمعات البشرية، إلا إنه، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:إنَّمَا تُنْقَضُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً إذَا نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْجَاهِلِيَّةَ. وَهُوَ كَمَا قَالَ عُمَرُ، فَإِنَّ كَمَالَ الْإِسْلَامِ هُوَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَتَمَامُ ذَلِكَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ نَشَأَ فِي الْمَعْرُوفِ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهُ فَقَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَنْ الْعِلْمِ بِالْمُنْكَرِ وَضَرَرِهِ مَا عِنْدَ مَنْ عَلِمَهُ، وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ الْجِهَادِ لِأَهْلِهِ مَا عِنْدَ الْخَبِيرِ بِهِمْ، وَلِهَذَا يُوجَدُ الْخَبِيرُ بِالشَّرِّ وَأَسْبَابِهِ إذَا كَانَ حُسْنُ الْقَصْدِ عِنْدَهُ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَمَنْعِ أَهْلِهِ وَالْجِهَادِ لَهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ. (?)
فعلينا معرفة تلك الجاهلية العالمية قبل الإسلام، ومنها جاهلية الملكية الفرعونية، وسننها ووسائلها التي أخضعت الشعوب لسطوتها، وهذه بعض ملامح هذه الوثنية البشرية كما أثبتتها الدراسات العلمية للحضارة المصرية الفرعونية، والآشورية والبابلية العراقية، وهي أقدم الملكيات التي عرفتها البشرية، وعنها توارثت الملكيات سننها الجاهلية الوثنية، وكما