ببعض الخدم أننا قد أنكرنا ما أنكرتم، وتقدمنا بأن لا يقع معاودة، ونحن نغفل في هذا ما لا يقع به المراد. فانصرفوا وقبض على ابن الفاخر العلوي في آخرين، ووكل بهم في الديوان، وهرب صاحب الشرطة لأنه كان أجاز لأهل الكرخ ما فعلوا، وركب أصحاب السلطان فأرهبوا العامة، وقد كانوا على التعرض بأهل الكرخ وإيقاع الفتنة، ثم واصل أهل الكرخ التردد إلى الديوان، والتنصل مما كان، والاحتجاج بصاحب الشرطة، وأنه أمرهم بذلك، والسؤال في معنى المعتقلين، فأفرج عنهم في ثامن عشر المحرم بعد أن خرج توقيع بلعن من يسب الصحابة، ويظهر البدع." (?)
فهؤلاء الدعاة، والقرّاء، تقدّموا المحتجّين المتظاهرين ضد السماح ببدعة شتم الصحابة، في مسيرة إلى دار الخلافة، وتكلَّموا بغير تحفّظ في القول _ فلعلّهم شتموا السلطة لتقصيرها في أداء واجبها! _ وكان مع هذه المسيرة، إضراب عن العمل ذلك اليوم، بإغلاق الدكاكين، ولم ينكر ذلك أحدٌ من العلماء، إذ لايستنكر مثل هذه الوسائل الاجتماعية السلميّة الفعّالة عاقل فضلا عن عالم!!
ومما ورد أيضا في هذا الباب، مما في حياة شيخ الإسلام المجتهد الإمام ابن تيمية الحنبلي قال: (فبلغ الشيخ أنّ جميع ما ذكر من البدع يتعمدها النّاس عند العمود المخلق الذي داخل (الباب الصغير) الذي عند (درب النافدانيين) فشد عليه، وقام، واستخار الله في الخروج إلى كسره، فحدثني أخوه الشيخ الإمام القدوة شرف الدين عبدالله بن تيمية قال: فخرجنا لكسره، فسمع الناس أنَّ الشيخ يخرج لكسر العمود المخلق، فاجتمع معنا خلق كثير) ص 10 رسالة بعنوان ناحية من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية تحقيق محبّ الدين الخطيب
فهذا شيخ الإسلام، خرج معه خلق كثير ليغيِّروا منكرا، فلم يأمرهم بالرجوع عنه (بحجة أنها مظاهرة محرَّمة)! بل سار معهم إلى أن غيَّر المنكر بهم!!
فكذا لو خرج العلماء، ومعهم المحتجُّون، وساروا _ مثلا _ إلى مقرِّ السلطة، ليظهروا النكير عليها في ظلم، أو منكر، أو لرد حقّ، أو إطلاق سجناء حُبسوا بغير حق، ونحو