وقد كان بعض الدعاة يستخف بما كنت أدعو إليه من الإعداد للتغيير، والتحضير للمرحلة القادمة، والاستعداد وتهيئة الشعوب العربية للثورة، فكانوا يقولون هذه أحلام وأوهام، ويجب أن يكون خطابنا وسطيا لا تخدير فيه ولا تثوير!

وكأن هذه العبارة (لا تخدير ولا تثوير) أعجبتهم لحسن السجع فيها فاتخذوها عقيدة ودينا ومنهجا! مع فراغ مضمونها وإفلاسه فكريا وحركيا وأخلاقيا!

وكان لي مئات الجلسات والمناقشات مع العلماء والمفكرين والدعاة والمجاهدين حيث كنت أخبرهم بأن التغيير قادم، وأدعوهم إلى ضرورة الإعداد لملأ الفراغ السياسي حين حدوثه، حتى لا تتكرر كارثة العراق في بلد عربي آخر!

فكانوا بقدر إعجابهم بما أقول، استغرابهم مما أقول!

ثم جاءت مقابلتي في قناة الجزيرة في يناير سنة 2005م في برنامج بلا حدود مع أحمد منصور حول كتاب (الحرية أو الطوفان) والخطاب السياسي الإسلامي، وقد قال لي الأستاذ أحمد قبل الحلقة - وكان برفقتي الشيخ سيف الهاجري - لقد قرأت الكتاب ودهشت مما فيه! فأنا في الحركة الإسلامية منذ ثلاثين سنة لم أعرف بأن النظام السياسي الإسلامي يمكن أن تكون فيه معارضة وتداول سلمي للسلطة!

وقال: لقد كنا نعرف كل الأحداث التي ذكرتها في الكتاب إلا إننا لم نفهمها على هذا النحو الذي تم عرضها فيه!

فكانت تلك المقابلة إعلانا عن الخطاب السياسي الإسلامي الراشدي الجديد!

وكانت أصداؤها كبيرة، وكان يشاهدها كبار الملأ، كما أخبرت من جلسائهم، وكاد يجن جنونهم خاصة عندما سأل أحمد منصور: هل تعني أنه في الخطاب الراشدي لا ملكيات في الإسلام!

فقلت: نعم لا ملكيات في الإسلام!

وقد اتصل بي بعد المقابلة مباشرة الشيخ الفاضل عبد المجيد المبارك من بريطانيا وقلت له: هذا تأويل رؤياك قد جعلها ربي حقا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015