وكان أشد الحضور تأثرا أكبرهم سنا وهو الدكتور الفاضل محمد عمر ... والذي حاول الاعتذار عن الحركة الإسلامية والظروف الصعبة التي كانت تحيط بها آنذاك، إلا أنه اعترف بعمق الأزمة التي تعيشها، وغياب المشروع السياسي لديها!
ثم بعد أشهر تم عقد لقاء ثان بين ممثلي تلك القوى والتيارات وتم صياغة رؤية مشتركة للتعاون بين الجميع بما يدفع باتجاه الإصلاح السياسي في المنطقة، وبما يمكن معه لشعوب المنطقة مواجهة حدوث أي فراغ سياسي، حتى لا يتكرر ما جرى في العراق، وقد أعددت مسودة ذلك المشروع بتكليف من اللقاء الأول، وبعد يومين من العمل ومشاركة جميع ممثلي تلك القوى، في مدينة .... تم الاتفاق على المشروع الذي لم ير النور!
وبعد تلك الاجتماعات وفي لقاء آخر في بيروت صارحني الشيخ الفاضل الدكتور محمد عمر .. وكان معه الشيخ الطبيب حسين ... وقال لي: يا دكتور حاكم مشروع التغيير الذي تدعون إليه لن يستطيع الإسلاميون والدعاة والمشايخ حمله فتبعاته كبيرة فامضوا في طريقكم ولن يقفوا عائقا أمامكم!
وقد أكبرت في الرجل صدقه وإخلاصه وغيرته وحميته، وازددت إيمانا بأن الخطاب الديني المشوه يطبع الإنسان بالسلبية السياسية تجاه الاستبداد، وتجاه الاستعمار، فهو لا ينشد إلا الآخرة والنجاة لنفسه!
وبقدر فرحي بتداعي الجميع على اختلاف توجهاتهم لتلك الاجتماعات، بقدر ما أحزنني عجزهم وضعفهم وتشرذمهم وغياب الرؤية لديهم!
ورأيت ضرورة تأليف (تحرير الإنسان) لمعالجة الخلل الفكري والعقائدي لدى قطاع واسع من الأمة، فلم تعد المشكلة هي فقط في غياب مفاهيم الحرية في الخطاب السياسي الإسلامي، الذي جاء كتاب (الحرية أو الطوفان) ليبعثه من جديد، بل الأزمة أعمق وأعقد، فهي تصل إلى الإنسان المسلم العالم والفقيه والداعية نفسه وكيف يتم تحريره من العبودية لغير الله التي وصل إليها من حيث يظن أنه يعبد الله ويوحده!
وقد أخذت أدعو كل من لقيت إلى الخطاب السياسي القرآني والنبوي والراشدي، ولم أترك أحدا من أهل العلم والفضل إلا وسافرت إليه - وبرفقتي في أكثر تلك الأسفار