الليبرالية العالم العربي، لا لأن الشعوب لا تريد الإسلام، وإنما لأن الإسلام الذي يعرض عليها منذ سبعين سنة إسلام مشوه مختزل، يريد ربطها بالآخرة دون حل لمشاكلها وواقع حياتها، بل ويتحالف مع الطغيان والظلم على حساب حريتها وكرامتها واستقلال أوطانها، وبدعوى أن الإسلام يرفض الثورة!
لقد فشل قادة التيار السياسي الإسلامي أو أكثرهم في فهم الإسلام نفسه، كما فشلوا في فهم واقع شعوبهم وحاجاتها، فهم يريدون من الشعوب أن تستنفر في كل مرة للوقوف معهم باسم الدين، دون أن يقفوا مع الشعوب من أجل دنياهم!
لقد تبنى الملايين في العالم العربي الاشتراكية لا كفرا بالإسلام، وإنما لأنهم لم يجدوا في الخطاب الإسلامي الرسمي ومؤسساته، ولا الشعبي وحركاته، دعوة حقيقية ولا نضالا من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة!
كما تبنى الملايين من العرب القومية العربية لا كفرا بالإسلام، وإنما لأنهم لم يجدوا في الخطاب الإسلامي ما يحقق لهم الوحدة التي هي الحل لضعفهم وهوانهم، ودون مراعاة لشعورهم القومي الذي ينزع للوحدة والاستقلال عن الاحتلال!
تحالف الإسلاميون مع الأنظمة القمعية والمستعمر:
بل صار الإسلاميون فريقين فريق وطني قطري يستخف بكل دعوة للوحدة التي هي من أصول الإسلام وقطعياته {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103]،وفريق شعوبي يحتقر العرب ويزدريهم بدعوى المحافظة على الوحدة الإسلامية!
وقد أطلت في نقد أداء التيار الإسلامي السياسي وكشف تحالفاته مع الأنظمة، حتى وصلت إلى موضوع احتلال العراق، وكيف وقف قطاع كبير منه مع حكومات المنطقة التي تم تحويلها كلها إلى قواعد عسكرية للحملة الاستعمارية الجديدة على الأمة، دون أن يؤثر ذلك على تحالفات هذا التيار مع الأنظمة!