وقد حذرته من خطورة تداعيات الحرب على العراق وأنها ستكون كارثية على العالم العربي وعلى أمريكا نفسها، وأنهم ستواجهون فيتنام الثانية هناك، وأننا مع حق الشعب العراقي في الثورة على النظام وتغييره بإرادة شعبية وطنية، وليس من خلال احتلال أجنبي للعراق بدعوى تحريره!

وقلت له أنتم لا تقرؤون التاريخ جيدا فالشعب العراقي لن يستقبلكم بالورود كما تزعمون، بل بالدماء والبارود، والمعارضة التي ستجيء على ظهر الدبابة معكم سترحل برحيلكم!

وقد كان ما حذرته منه فبعد احتلال العراق وتصاعد عمليات المقاومة العراقية طلب ريتشارد بيل لقاء ثانيا معنا، ودار حديث طويل سأدعه حتى يأتي في وقته!

لقد كان زلزال احتلال العراق أشد وقعا على الصعيد العقائدي والفكري، منه على الصعيد السياسي والعسكري، فقد بلغ الخطاب الديني السني والشيعي الرسميين في سقوطهما قعر الهاوية، حيث نجح الاستعمار الجديد في توظيف الجميع في خدمته، وكما استصدر بريمر الحاكم العسكري الأمريكي للعراق فتوى من المراجع الشيعية بعدم مقاومة الاحتلال والاعتراف بحكومته التي جاء بها - مقابل مائتي مليون دولار كما جاء في بعض المذكرات - تم في المقابل صدور الفتاوى باسم السنة بوجوب طاعة بريمر وحكومته، وأنه يحرم مقاومته، وأنه يجب طاعة ولي الأمر في كل بلد وعدم الخروج عليه، وأن له أن يعاهد من يشاء ليدخل قواته في بلده .. الخ

وتتابعت الفتاوى المشبوهة من الفريقين حتى وصل الأمر إلى القول بأن القتال مع الجيش الأمريكي هو من الجهاد في سبيل الله، وأن من يقاومه مفسدون في الأرض، يجب الأخذ على أيديهم! حتى امتلأت السجون بآلاف المصلحين الأبرار والمجاهدين الأحرار!

فإذا الاحتلال الأجنبي العسكري يرسخ أقدامه أكثر فأكثر باسم الإسلام، وبفتاوى أتباع السلف وأتباع آل البيت! والسلف وآل البيت من الطائفتين براء!

يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن!

الانتفاضة العفوية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015