تعددية سياسية ولا حرية حقيقية، بل هي المنطقة الوحيدة في العالم العربي كله التي تحظر قيام الأحزاب السياسية التي لا يتصور قيام تعددية وحرية من دونها؟!
لقد أدركت أمريكا أنه لا بد من حل هذه الإشكالية بشكل مقبول يثبت للعالم مدى اهتمامها بموضوع الحرية والديمقراطية في الخليج كله وليس فقط في العراق، وأن الدول الحليفة لها في المنطقة تسير هي أيضا في هذا الطريق بشكل سلمي دون حاجة لخوض حرب معها من أجل تحرير شعوبها منها كما حصل في العراق! فتفتق ذهن الساسة في أمريكا عن هذا الحل الذي يرفع عنها الحرج ولا يضر حلفاءها في المنطقة! فلتكن البداية بحقوق المرأة التي لا تمثل مشكلة بالنسبة لحكومات المنطقة، بل هي محل قبول لديها ما دامت ستؤجل طرح موضوع حقوق الشعوب في منطقة الخليج باختيار حكوماتها عن طريق الانتخاب المباشر، وهو ما لا تريده الحكومات ولا تريده أمريكا أيضا!
وإلا أليس غريبا أن تشارك دول المنطقة في حرب تحرير العراق من أجل إقامة نظام ديمقراطي هناك يقوم على التعددية والحرية السياسية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان بينما هذه الدول نفسها لم يتحقق لشعوبها شيء من ذلك؟!
كيف تشارك هذه الدول التي ما زالت تحكم شعوبها وفق مبدأ إقطاعي عشائري وراثي يقوم على تبعية الشعوب للحكومات لا العكس في حرب من أجل إقامة دولة ديمقراطية حديثة في العراق؟! وهل تحقيق هذا الهدف في العراق الذي يعيش كل التناقضات العرقية والطائفية والسياسية أسهل من تحقيقه في الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة والتي لا تتردد في تنفيذ ما تطلبه أمريكا منها ابتداء من الدخول في عملية السلام مع إسرائيل والعمل من أجل مكافحة الإرهاب بما في ذلك قطع المساعدات عن المقاومة الفلسطينية المشروعة وانتهاء بإقرار حقوق المرأة السياسية؟!
ما الذي يمنع أمريكا التي خاضت حربا مدمرة في العراق من أجل الديمقراطية أن تطلب من حلفائها في المنطقة احترام حقوق الإنسان والعمل من أجل إقرار مبدأ التعددية السياسية والسماح بإشهار الأحزاب ومشاركة الشعوب في اختيار حكوماتها بشكل مباشر في ظل ملكيات دستورية؟!